ثم ذكر الشافعي قول عائشة رضي الله عنها هل تدرون ما الأقراء؟ الأقراء الأطهار، ثم قال: "والنساء بهذا أعلم".
لأن هذا مما يبتلى به النساء، وذكر الشافعي: "أن القراء: الحبس، تقول العرب: هو يقري الماء في حوضه، وفي سقائه، ويقري الطعام في شدقه".
وأوجز الشافعي هذا الفصل على عادة الفصحاء ومراده أن الحيض لما كان دماً يوجبه الرحم فيخرج، والطهر دم محتبس فلا يخرج وجب حمل القرء على الطهر لأن القرء: الحبس.
ثم قال الشافعي: "ولا يمكن أن يطلقها طاهراً إلا وقد مضى بعض الطهر، وقد قال الله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} البقرة: 197 فكان شوال، وذو القعدة كاملين وبعض ذي الحجة".
وأراد به أن طلاق الشخص لا يكون في الطهر إلا وقد مضى بعض الطهر، فإنه إذا ارتقب خاتمة حيضها، وقال لها في أول طهرها: أنت طالق فقد
..... من طهرها، ولا يتصور وقوع الطلاق من غير كسر الطهر إلا على جهة التعليق، ومقصود الشافعي بهذا الكلام أن الله تعالى لما قال: {والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} البقرة: 228 بين الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لقبل عدتهن عرفنا أن الطلاق إذا وقع من خلال الطهر ولا يمكن إيقاعه إلا مع إنكار الطهر كان الكسر الباقي محسوباً لها قرءاً ومقصوده بذكر الحج أن يجيب عن سؤال، وذلك أن أهل العراق ألزمونا، فقالوا: قال الله تعالى: {والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} البقرة: 228 (ق 44 أ) فيجب أن تكون الثلاثة فاصلة وأنتم توجبون طهرين، وبعض طهر، ونحن حملناها على ثلاث حيض كوامل فأجاب الشافعي، فقال: وقد قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} البقرة:197 والأشهر: اسم جمع وأقله ثلاثة فحملها الآية على شهرين وبعض شهر، فلذلك جاز أن تحمل هذه الثلاثة على طهرين، وبعض طهر، وهذا نص من الشافعي على أن أصل الجمع ثلاثة وهو مشهور مذهب أصحابنا.
ثم قال: "وليس في الكتاب ولا في السنة الغسل بعد الحيضة الثالثة" فهي باقية في العدة ما لم تغتسل إذا انقطعت حيضتها لدون عشرة أيام، فقال الشافعي: فهذا غسل ليس له في الكتاب ذكر ولا في السنة وكيف يقول هذا، وعند أبس حنيفة الزيادة على النص نسخ ولا يجوز النسخ بالاجتهاد.
وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: لو اغتسلت إلا مقدار إصبع انقضت العدة وبطلت الرجعة، وإن لم يستبح الصلاة، ولو اغتسلت إلا مقدار كف من جسدها فكأنها لم تغتسل. وهذا مناقضة، قال: وإن اغتسلت بسؤر الحمار فهي في العدة حتى تتيمم فإذا