أسكنوها ولا يجوز لها أن تنتقل لقوله تعالي: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الطلاق:1 ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة وليس لهما أن يتراضيا على ترك هذا السكن؛ لأنه حق الله تعالى بخلاف السكنى في حال النكاح؛ لأن تلك حقّ المرأة فيجوز الرضا بإسقاطه والخصي والفحل في هذا سواء.
ويحتمل أن الشافعي عطف هذا على مسألة الخصي, ويحتمل أنه استأنف المسألة في الأزواج عامة, ومن قال: لا سكنى للمتوفي عنها أّوَّلَ قول الشافعي "وَلِوَرَثَتِهِ مَيِّتًا".
على أنه أراد إذا أباتها, ثم مات, فههنا لا تتبدل العدة إلى عدة الوفاة فلا يسقط حق السكنى قولَا واحدَا. وعلى هذا إذا لم تتبرع الورثة بالسكنى لم يكن لهم منعها وكان لها أن تسكن حيث شاءت, وإن تبرع الإمام من بيت المال, قال الشافعي: يلزمها أن تسكن, وإذا أوجبنا عليها أن تسكن الموضع الذي أسكنوها فيه لا يجوز لها أن تخرج على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
مسألة:
قال: "وَلَوْ طَلَّقَ مَنْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ".
الفصل:
كل من اعتدت بالشهور لصغر أو كبر أو عدة الوفاة, فإن كان أول الهلال ولا يكاد يتصور ذلك نجيز الطلاق, وإنما يتصور في تعليق الطلاق بأن يعلقه في آخر جزء من آخر الشهر فحينئذٍ يكفيها الاعتداد بثلاثة أشهر ما بين الأهلة ناقصَا كان أو كاملَا, وإن كان في أثناء الهلال اعتدت بشهرين بالأهلة تامَا كان أو ناقصَا ويكمل الشهر المنكسر ثلاثين يومًا.
وقال أبو عبد الرحمن ابن بنت الشافعي: يلزمها أن تعتد ثلاثة أشهر بالعدد ق 57 أ لأنه إذا حسب الشهر الأول بالعدد كان ابتداء الثاني من بعض الشهر وكان أيضًا بالعدد. وهذا غلط؛ لأن اعتبار الهلال قد تعذر في الشهر الأول ولم يتعذر في الشهر الثاني والثالث, وإذا أمكن ذلك يوجب اعتباره؛ لأن الأصل في العدد الهلال, قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} البَقرَة: 189 وأيضًا فإِنَّا إذا رأينا الهلال اعتبرناه وإذا غُم علينا اعتبرنا العدد فكذلك ههنا, وقال أبو حنيفة: تعتد بشهرين بالهلال وتحتسب بقية الأول وتعتد من الرابع تمام الأول ناقصًا كان أو تامًا, كأنه بقي عشرة أيام وأهل الهلال بتسع وعشرين يكفيه تسعة عشر يومًا من الشهر الرابع, وهذا أيضًا غلط لما ذكرنا. وقال مالك, والأوزاعي: لا تحتسب بالساعات وإنما تحتسب بأول النهار أو الليل, فإذا طلقها في النهار احتسب أول عدتها من أول عدتها من أول الليل, وإذا طلقها في