مضى شهرًا لا يختلف أصحابنا فيه, ومن نص قول ابن سريج في المسألة السابقة فرق بينهما بأنه إذا مضى شهر قبل الإياس ق 58 أ لو حسبناه من العدة شهرًا آذن إلى سقوط العدة؛ لأنه إذا مضت ثلاثة أشهر لزمنا نحكم بانقضاء عدتها وذلك لا يجوز، فأمرناها أن تستقبل ثلاثة أشهر, وههنا إذا حسبنا بما مضى قرءًا لم يؤد إلى إسقاط العدة عنها, فإنه انتقال واحد لا يزيد عليه فلا يؤدي إلى الحكم بانقضاء عدتها, وهذا أصح الفروق.
وقال الماسرجسي: الفرق أن على صاحبة الأقراء قد مضت شهور ولا حكم لها في العدة, فلما لم يجعل لها حكمًا قبل الإياس, فإذا أيست لم يجعل لها حكمًا أيضًا لأنه يؤدي إلى نقض ما حكمنا به.
أما الصغيرة فمما مضى عليها من الشهور كان له حكم وكان محسوبًا من عدتها لولا ما عرض لها من الحيض, وإذا كان لها حكم قبل ذلك لم نبطله برؤية الدم وجعلناه قرءًا صحيحًا. وقال ابن أبي هريرة: الفرق أن الأقراء لا تستغني عن الشهور والشهور تستغني عن الأقراء؛ لأنه بمضي بها شهور بها شهور لا ترى فيها دمًا, فإذا كان كذلك تثبتت الأقراء على الشهور, ولم تبن الشهور على الأقراء
مسألة:
قَالَ: "وَأَعْجَبُ مَنْ سَمِعْتُ مِنَ النِّسَاءِ يَحِضْنَ نِسَاءُ تُهًامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ".
قد ذكرنا هذا في "كتاب الحيض" ومقصوده ههنا أنها إذا ادعت أنها رأت دم الحيض قبل أن تبلغ تسع سنين لم يقبل منها, وإن لم يكن حيضًا وكانت عدتها بالأشهر, وهذا لأنه لم يوجد حيض مستقيم من النساء لأقل من ذلك.
قال الشافعي: "وَأُحِبُّ أّنْ تَاتَي هَهُنَا ثَلَاثُ حِيَضٍ" أي بأقصى الأمرين احتياطًا وإلا فالواجب الشهور, وإن ادعت الحيض ق 58 ب لتسع سنين قُبل منها وكانت عدتها بالأقراء, ثم قال الشافعي: "وَلَوْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ سَنَةٌ وَلَمْ تَحِضْ قَطُّ اعْتَدَّتُ بِالشُهُورِ" وقد ذكرنا هذا.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ طَرَحَتْ مَا تَعْلَمُ أَنَّهُ وَلَدُ مُضْغَةٍ أَوْ غَيْرِهَا حَلَّتْ".
قرئ: خلت بالخاء والتخفيف ومعناه خلت من عدتها وقرئ: حلت وهو المشهور ومعناه: حلت للأزواج, والكلام فيه في أربعة فصول؛ في انقضاء العدة, وحرمة الولادة التي تصير الأمة أم ولدٍ, والغُرّةُ, والكفارة, فإذا طرحت شيئًا ففيه أربع مسائل:
إحداها: أن نبين فيه خلق الآدمي من التخطيط والتصوير فتنقضي به العدة وتصير أم