نكحت على الريبة فالنكاح باطل؛ لأنها لا تدري إن عدتها كانت بالأقراء فتكون قد حلت للأزواج, أو بالحمل فلم تحل وهي محرمة بيقين فلا تحل إلا بيقين. قال: ولا يجوز ق 61 ب أن يكون العقد في الابتداء موقوفًا ويجوز أن يطرأ ما يوقف به, ألا ترى أنه لو تزوج معتدة أو محرمة فإنه لا يجوز ولو تزوج ثم طرات العدة أو الإحرام جاز النكاح.
قال الماسرجسي: وهذا أصح فاحفظوه, فإن في سواد المزني خللًا, وقال غيره: هذا ضعيف؛ لأنه مخالف النص ههنا حيث قال: "وَلَا تُنْكَحُ المُرْتَابَةُ, فَإِنْ نُكَحَتْ لَمْ أَفْسَخْ".
فدل على أنها مرتابة عند عقد النكاح. وقال أيضًا: "فَإِنْ بَرِثَت مَنَ الحَمْلِ, فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ, وَقَدْ أَسَاءَتْ" فلو كان النكاح قبل الريبة لم تكن مسيئة.
وقال بعض أصحابنا وهي الطريقة الثالثة: الذي قال: النكاح باطل إذا وضعت حملًا لدون ستة أشهر من حين عقد النكاح, والذي لا أفسخ إذا انقضت العدة من غير ريبة ثم ارتابت وتزوجت ووضعت لستة أشهر فأكثر من حين النكاح؛ لأنَّا لا نتحقق أنها كانت حاملًا حال عقد النكاح, وهذا أيضًا ضعيف لأنه قال: "فإن نكحت فالنكاح باطل" ولم يوقف على وضع الحمل, فإذا ثبت ما ذكرنا حصل ههنا ثلاث مسائل:
إحداهما: إذا ارتابت قبل انقضاء العدة, ثم انقضت ونكحت فالنكاح باطل بلا خلاف.
والثانية: إذا انقضت العدة من غير ريبة, ثم ارتابت، ثم تزوجت, قال ابن سريج: النكاح باطل, لأنَّا لو صححنا لوقع النكاح موقوفًا, ولا يجوز ذلك عند الشافعي والمذهب أنه صحيح؛ لأن العدة انقضت من غير ريبة وحكم بانقضائها حتى أبحنا النكاح وأسقطنا النفقة والسكنى فلا يبطل هذا الحكم بالشك, وقيل: فيه قولان, قال القفال: وهما كالقولين فيمن شك في وفاة أبيه الغائب فباع ماله, ثم بان أنه كان مات وورثه هو ق 62 أ هل يجوز البيع؟ قولان. وكالقولين فيمن فرغ من صلاته, ثم اعترض الشك هل صلى ثلاثًا أو أربعًا؟ قال في "الإملاء": "صلاته تامة", وقال في موضع آخر: "إن كان الوقت قريبًا بني على صلاتِه وسجد للسهو, وإن كان بعيدًا استأنف".
ثم قال المزني: جعل الشافعي الحامل تحيض ولم يجعل لحيضها معنى تعتد به, كما تكون التي لم تحيض تعتد بالشهور, فإذا حدث الحيض كانت العدة بالحيض والشهور, كما كانت تمر عليها وليست بعدة كذلك الحيض يمر عليها وليست بعدة, وليس كل حيض عدة كما ليس كل شهور عدة, وقصد المزني بهذا الكلام نصرة قول الشافعي أن الحامل تحيض وجواب سؤال لأبي حنيفة وهو أنه قال: لو كانت حيضًا لانقضت عدتها بثلاثة منها فأجابهم بأن العدة إنما تنقضي بما وصفها الله عز وجل, فعدة الحامل بالحمل والدماء تمرّ عليها ولا تحسب كالشهور تمرّ عليها ولا تحسب, وعدة الوفاة بالشهور