أن يكون جائزًا ثم نسخ بما ذكرنا.
وأما المرأة فكل بدنها عورة إلا الوجه والكفين فمتى صلت، وقد كشف بعضها، وإن كان شعرة بطلت صلاتها. وبه قال الأوزاعي ومالك وأبو ثور إلا أنا ذكرنا عن مالك ما قال في حكم الصلاة، وروي ذلك عن ابن عباس وعطاء، وقد قال مالك لو تركت الستر ووقت الصلاة باق أعادتها، وأصحابه يقولون: كل موضع يقول مالك: يعيد إن كان الوقت باقيًا يريد الإعادة استحبابًا.
وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: يجب عليها ستر جميع بدنها حتى ظفرها وإن انكشف منها شيء بطلت صلاتها. وروي هذا عن أحمد. وروي عن أحمد وداود: كل بدنها عورة إلا وجهها فقط. واحتجا بقوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} النور: 31، والظاهر الوجه، وهذا غلط، لأن ابن عباس رضي الله عنه قال: إلا ما ظهر منها: الوجه والكفين. وروت عائشة رضي الله عنها: أن امرأة رمت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من وراء ستر بثياب فقبض ذلك. وقال: "ما أدري أيد امرأة أم رجل"، 113 ب/ 2 فقالت: بل امرأة، فقال: "لو كنت امرأة لغيرت أظفارك" يعني بالحناء، فلو كانت يدها عورة لم ينظر إليها.
وقال أبو حنيفة والثوري والمزني: قدم المرأة ليست بعورة. وعن أبي حنيفة رواية: أنها عورة.
وذكر بعض أصحابنا بخراسان: أن في أخمض قدميها وجهين. وقيل: قولين. وهذا غلط لما روت أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله "أتصلي المرأة في درع وخمار، وليس عليها إزار؟ فقال: "نعم، إذا كان سابغًا يغطي ظهور قدميها".
قالوا: القدمان يظهران منها في العادة كالكفين، قلنا: لا نسلم بل تستران في العادة، ولهذا لا يجب كشفهما في الإحرام بخلاف الكفين.
وقال أبو حنيفة أيضًا: العورة عورتان مخففة ومغلظة، فالمخففة ما بين السرة والركبة من الرجل وجميع بدن المرأة إلا ما ذكرنا.
والمغلظة: السوأتان من الرجل والمرأة، فإن ظهر من المغلظة قدر درهم لا تبطل صلاته وإن زاد بطلت وإن انكشف من المخففة قدر ربع عضو فأكثر لا تصح الصلاة وإن كان دون ذلك يصح.
وقال أبو يوسف: يُعفى عن أقل من النصف وعندنا لا فرق. ولا يُعفى عن قليله وليس فيما قدره توقيف ولا اتفاق، فلا يجوز القول به. فإذا تقرر هذا فالمستحب لها أن تصلي في ثلاثة أثواب: قميص سابغ يغطي قدميها وخمار يغطي رأسها وعنقها، وإزار غليظ فوق القميص والخمار هو الجلباب الذي ذكره الشافعي، نص عليه في "الأم"