أقرب المواضع، فإن لم يكن له وارث فعلى السلطان أن يفعل ذلك من ماله، وإن لم يخلف مالًا فتبرع الورثة بإسكانها لزمه ذلك كما ذكرنا، ولا يلزم السلطان أن يكتري لها من سهم المصالح، إلا أن يرى ريبة فيلزمه إسكانها.
وإذا قلنا: لا سكنى لها، قال الشافعي: "فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يُسْكِنُوهَا حَيْثُ شَاؤُوا إِذَا كَانَ مَوْضِعُهَا حِرِزًا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَخُصَّها حَيْثُ تَرضي لِئَلَّا يَلْحَقَ بِالزَّوْجِ مَنْ لَيْسَ لَهُ"، يعني إذا لم يكن له ورثة، فإن لم يفعلوا ذلك فلها أن تسكن حيث شاءت.
فرع:
لو تطوع أجنبي بسكناها فيسبر حاله، فإن كان متهومًا ذا ريبةٍ لم نتعرض لها، ق 92 ب وإن كان سليمًا ذا دين قام بذله لسكناها مقام بذل الوارث، ولزمها أن تسكن حيث يسكنها إذا كان مسكن مثلها وأمنت على نفسها، فيعتبر هذين الشرطين في وجوب السكنى عليها فإن رضيت بدون مسكن مثلها جاز، وإن رضيت بما لا تأمنه على نفسها لم يجز.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ فَنَقَلَتْ مَتَاعَهَا وَخَدَمَهَا وَلَمْ تَنْتَقِلُ بِبَدَنِهَا حَتَّى مَاتَ أَوْ طَلَّقَ اعْتَدَّتْ فِي بَيْتِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ".
كلما أوجبنا لها السكنى فأذن لها في النقلة من دارٍ إلى دارٍ في جوف البلد فالاعتبار بالبدن دون الرحل والمال، فإن مات أو طلقها فإن كانت في الدار الأولى اعتدت فيها دون الثانية سواء نقلت الرحل والمال أو لم تنتقل. وقال أبو حنيفة بالرحل والمال فتعتد في الدار التي نقلت إليها المال والرحل. وهذا غلط؛ لأن المعتدة لو انتقلت ببدنها إلى دارٍ أخرى وتركت قماشها في الدار التي طلقها فيها عصت، ولو نقلت قماشها ولم تنتقل ببدنها لم تعص، فدل على ما قلناه.
وعلى هذا إن انتقلت ببدنها ثم رجعت إلى الدار التي انتقلت عنها لنقل قماشها فطلقها أو مات عنها اعتدت في الدار التي انتقلت إليها، ومجيئها إلى الدار الأولى لنقل قماشها بمنزلة دخولها إلى دار بعض جيرانها اعتبارًا به.
فرع:
قال في "الأم": لو انتقلت بغير إذن زوجها ثم طلقها أو مات عنها لزمها أن ترجع فتعتد في بيتها الذي كانت تسكن معه فيه.