وإن أذن لها في الخروج إلى المصر الذي قصدته لقضاء الحج والعمرةً أو قضاء لدين، آو استحلال من مظلمةٍ، أو إيصال كتاب أو حاجةٍ يمكن قضائها عاجلًا لا يجوز لها أن تقيم فيه أكثر من مدة قضاء الحاجةً، ويتيها أن تخرج عقيب قضاء الحاجةً.
ومن أصحابنا من قال ههنا: لها أن تقيم مقام مسافر وهو ثلاثة أيام، وهذا غلط، بل هذا في سفر النزهةً والزيارةً. قلنا في هذا الموضع نهاية سفرها قضاء حاجةٍ لا غير، وإذا ألزمنا الخروج لا فرق بين أن تكون قد بقي من عدتها ما تنقضي في الطريق ويبقى عليها بقيةً تقضيها في بيت زوجها. نص عليه في "الأم"، لأنها لو أقامت كانت هذه الإقامةً غير مأذون فيها فلا يجوز لها ذلك، وأيضًا المكان الذي تعود فيه أقرب إلى منزله من الموضح الذي تقيم فيه فكان أولى.
وقال أبو إسحاق: إن بقي من عدتها ما لا ينقضي في الطريق ترجع، وإن بقي من عدتها قدر ينقضي في الطريق كان لها أن تكملها في البلد الذي هي فيه ولا يجب عليها الرجوع؛ لأن إتمام العدةً في ذلك البلد خير من إتمامها في الطريق. وهذا اختيار القفال، وهذا كله إذا وجدت رفقة (ق 95 ب) مأمونةً في الرجوع إلى بلدها، فإن لم تجد كان لها أن تقيم فيه إلى أن تجد رفقة مأمونةً وكان ذلك عذرًا في المقام.
وأما قوله في السواد: "إلا أن يكون أذن لها في المقام فيه أو النقلة إليه" فحذف المزني "المقام" ولا بد منه، ثم قال: "فيكون ذلك عليها"، وفي بعض نسخ المزري؛ "فيكون ذلك لها" فمن قرأ "لها" قال: هذا راجع إلى مسألة النقل. فأما إذا أذن لها بالمقام مدةً لا يلزمها أن تقيم بل لها أن ترجع، والقولان فيه؛ "هل لها أن تقيم" ومن قرأ
"لها" فهو جواب في المسألتين جميعًا، فإن لم يكن قضاء حاجتها في ثلاثةً أيام فقول: أخرج اليوم، أخرج غدا فلها ذلك إلى أن تنقضي حاجتها.
مسألة:
قال: "وإن كان أخرجها مسافرة أقامت ما يقيم المسافر مثلها ثم رجعت فأكملت عدتها".
أراد به أنه إذا كان الزوج أخرجها مع نفسه في السفر ثم مات في بعض البلاد لزمها أن ترجع إلى بيتها وتقعد فيه، ولا يجوز لها أن تقيم إلا مقام مسافر إلا أن لا تجد رفقةً على ما قدمناه.
مسألة:
قال: "ولو أذن لها في زيارة أو نزهة فعليها أن ترجع؛ لأن الزيارةً ليست مقامًا"