ومن أصحابنا من حكي عن أبي إسحاق أنه قال: صورة ما نقله المزني أنه قال لها: انتقلي إلى موضع كذا فلما حصلت فيه طلقها، فقال لها: ما نقلتك وإنما أذنت في غير النقلةً، فعليك الرجوع، وقالت: بل أذنت لي في النقلةً والمقام فالقول قولها؛ لأن قوله: "انتقلي" حقيقته النقلةً، فأما إذا قال لها: اذهبي، أو اخرجي إلى موضع كذا، ثم اختلفا، فالقول قوله؛ لأن الظاهر معه. ثم تعجب هذا الحاكي من أبي إسحاق فقال: كيف يصورها فيما لو قال لها انتقلي، والشافعي قال: "ولم يقل لها أقيمي ولا لا تقيمي)) بإذنه بالنقلةً هو المقام، وهذا غير صحح عن أبي إسحاق.
ومن أصحابنا عن قال: صورة المسألة أنه قال لها: اخرجي أو اذهبي ثم طلقها، ثم اختلفا فالقول قوله، وقول المزني: "القول قولها" غلط، أراد أن يقول القول قوله وأخطأ في الكتبةً، وهذا أيضًا غير صحيح لما ذكرنا.
وقال أبو حامد: نفل المزني هذه الصالة في "جامعه الكبير" فقال: "ولو سارت إلى منزل" بأمره ثم طلقها ثم اختلفا - هكذا - فالقول قوله، ثم فئ عليه فقال: "فإن مات ثم اختلفت هي وورثته فالقول قول الورثة" وأراد أنه لما كان القول قول الزوج فوارثه يقوم مقامه - (ق 99 أ) وغلط هذا في التفرع، فإن القول قولها ههنا لما ذكرنا عن الفرق بين الزوج والورثة.
وقال القفال: قال الشافعي: ((إذا حولها من بيتٍ إلى بيتٍ، ثم طلقها ثم اختلفا فالقول قولها)). وقال في موضع آخر: ((إذا ويع الاختلاف بينها وبين ورثة زوجها فالقول قول الورثة)) وليست على قولين بل هي على حالين، فصورة مسألة الوارث أن يقول: إن أبانا قد قال لك: إني أخرجتك مسافرة. ولو كان هذا الاختلاف مع الزوج نفسه كان القول قوله أيضًا؛ لأن الأصل أن لا نقلة. وصورة المسألة الأولى أنه حق لها ولم يقل شيئًا، بل أطلق فالظاهر بيدها سواء كان الاختلاف مع الزوج أو مع الورثة فالقول قولها
وقال القفال مرة أخرى: قال الشافعي ((إن كان هذا الاختلاف مع الزوج فالقول قوله، وإن كان مع الورثة فالقول قولها)) فالمسألتان على قولين نقلا وتخريجًا.
قال: ومن أصحابنا من قال: إن اختلفا في اللفظ فقالت; قلت لي انتقلي، وقال: ما قلت لكن قلت اخرجي للنزهةً ونحوها فالقول قوله؛ لأن الأصل أنه لم يقل ذلك. وإن اتفقا على اللفظ فقالت: قلت اخرجي وأردت به النقلةً، وقال: ما أردت فالقول قولها؛ لأن الظاهر ما ادعت.
قال: وقال ابن سريج، وهو قول أبي حنيفةً: إن كان الاختلاف مع الورثةً فالقول قولها، وإن كان مع الزوج فهل يكون القول قوله أو قولها قولان 0 وكل هذا تخليط والاعتماد على ما سبق.
وقال في "الحاوي": هذه المسألة تشتمل على فصول اختلط فيها كلام أصحابنا، ونبوا المزني إلى السهو في نقله والخطأ في جوابه لشبهةً دخلت عليهم في تقرير