ما بانت بالطلاق لأنه يستبيحها من غير عقد جديد، فإذا مات فالموت أبانها فوجبت عدة ما أبانها وهي عدة الوفاة، ولأن عدة الوفاة أكد لأنها تلزم قبل الدخول وقد بيناها.
مسألة:
قال: "وَلَوْ رَاجَعَهَا، ثُم َّطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا".
الفصل:
قد ذكرنا هذه المسألة وبينا اختيار المزني أنها تستأنف العدة، قال أبو إسحاق: وهذا أقيس. وقيل: إنه قول ابن جريج وعبد الكريم، وطاووس، والحسن بن مسلم.
واحتج المزني بأن عدتها سقطت بجرعته ونحن لا نسلم علي القول الآخر ما ذكره، بل نقول: هو موقوف.
ثم قال الشافعي: "وَمَنْ قاَلَ بِهَذَا انْبغَي أَن ْيقَوُلَ رَجْعتُهُ مُخَالفَةٌ لَنِكَاحِهِ إيِّاهَا ثُمَّ يُطلَّقَها قَبْلَ أَنْ يمَسهَّا". يعني أن المطلقة لو كانت بائنة يخلع وهي في العدة فجدد الخالع نكاحها، ثم طلقها قبل أن يمسها لزممها ق 122 ب البناء علي ما سبق من العدة، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: يلزمها أن تستأنف العدة عن النكاح. وظاهر اللفظ يوهم أنه أراد نكاح الرجعية في العدة، ولم يرد ذلك فلا يظن عليه، وإنما لم يستقل الشافعي بتمام تصوير المسألة بأن ذلك لا يكاد يشكل عل العالم بمذهبه.
ثم قال مفرعاً علي قول الاستئناف: " وَيُشْبهُ أَنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ: ارْتجَعَ أَوْ لمْ يَرْتَجعْ سَواَءٌ" يعني من قال إذا رجعها، ثم طلقها قبل أن يمسها يلزمه استئناف العدة لذمه أن يقول: لو اتبعها طلاقاً من غير أن يرتجعها لزممها الاستئناف ويحتج " بِأَنَّ زَوْجَهَا لَوْ مَاتَ اعْتدَّتْ منْهُ عدَّة الوَفاَة وَوَرثتْ كَمَنْ لم تُطَلقْ".
وقال بعض أصحابنا: لم يقصد الشافعي تعليق القول في مسألة الإتباع إذا اتبع طلاق طلاقاً، بل لا يختلف قوله هناك أنه يكفيها البناء علي العدة السابقة ولا يلزمها الاستئناف، وإنما قصد الشافعي بهذا الكلام تضعيف أحد القولين في المسألة السابقة وهي إذا راجعها ثم طلقها قبل أن يمسها ففيها قولان:
أحدهما: لا يلزمها استئناف العدة والشافعي قد يفعل مثل هذا التضعيف أحد القولين ألا تري أنه قال في " كتابا لبيوع" في اللحمان هل هي صنف أو أصناف؟ فيه قولان، ثم قال: ومن قال إنه صنف واحد لزمه أن يقول: الثمار صنف. فذكر أن القول به يفضي إلي ما نقول به أحد فكان باطلاً كذلك ههنا. وهذا اختيار أبي إسحاق، والمزني، فإذا طلق الرجعية ثانياً لا تستأنف العدة بل تبني علي ما بقي؛ لأن جملة الطلاق