وجهان، وقيل قولان:
أحدهما: يقع ظاهراً وباطناً؛ لأن هذا الفسخ مختلف فيه، فإذا أدي اجتهاد الحاكم إليه نفذ ظاهراً وباطنا كالفسخ بالعنة والإعسار.
والثاني: يقع ظاهراً لا باطناً، لأن عمر رضي الله عنه خير المفقود حين قدم بين زوجته أو مهر مثلها فاختارها فردها إليه.
مسألة:
قال: "وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ خَفِيّ الغَيْبَة أَوْ إلي منْهَا أَوْ تَظَاهر أَوْ قَذَفَهَا لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الحَاضِرَ".
إذا طلق المفقود امرأته التي فُقد عنها أو إلي منها أو تظاهر أو قذفها، فإن كان هذا قبل أن يرفع أمرها ق 126 أ إلي الحاكم أو بعد المرافعة قبل الحكم بالفرقة صح هذا كله، كما لو كان حاضراً، وإن كان هذا منه بعد أن حكم الحاكم بالفرقة فعلي قوله الجديد: الحكم فيه كما لو لم يحكم بينهما؛ لأن وجود الحكم وعدمه سواء.
وأما علي قوله القديم، فإن قلنا: الغرفة تقع ظاهراً وباطناً لا تثبت هذه الأحكام وهو كالأجنبي معها، وإن قلنا: تقع ظاهراً فقط يثبت هذا الحكم.
وقال القاضي الطبري: قال ابن أبي هريرة، وصاحب الإفصاح: هذا علي قوله الجديد والقديم؛ لأن الزوج إذا رجع وأخبر بهذه الأحكام تيقنا خلاف ما حكم، فكان حكمه باطلاً، كما إذا ظهر نص بخلاف حكمه، وإذا كان حكمه باطلاً كان نكاح الأول بحالة وهذه الأحكام ثابتة كما لو كان حاضراً.
قال القاضي الطبري: ولا يحتما علي المذهب غير هذا: والحكم في هذا الموضوع بخلاف الأصول؛ لأن كل مسألة اجتهاد إذا حكم الحاكم فيها وجب إمضاءه.
وقد قال أصحابنا ههنا: إن النكاح الثاني فاسد وإن حكم به الحاكم؛ لأن قوله القديم مخالفٌ لقياس لا يحتمل إلا معني واحد، وفي هذا الذي قاله نظر عندي.
مسألة:
قال: "وَلَوْ اعْتَدَّتْ بأَمْر الحَاكِم أَرْبَعَ سِنِين، ثمُ أَرْبعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَنَكَحَتْ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْج ُكَانَ حُكْمُ الزَّوجيَّةُ بَينْهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الأَوَّلِ بحَالِه".
قال أين هريرة، وصاحب الإفصاح: هذا علي القولين جميعاً؛ لأن الزوج إذا رجع تبينا أن حكمه بوفاته كان خطأ فوجب ردها علي الأول، وهذا كما لو غضب عبداً فأبق منه فغرمه الحاكم قيمته، ثم رجع العبد وجب رده علي المغصوب منه واسترجع قيمته منه فكذلك ههنا.