النفقة من حين فرق، سواء قلنا الفرقة وقعت في الظاهر أو في الظاهر والباطن معاً؛ لأنَّا حكمنا بالفرقة بينهما والبينونة تقطع النفقة.
وأما السكني في مدة العدة هل لها ذلك؟ قولان؛ لأنها معتدة عن وفاة والمتوقي عنها هل لها السكني؟ قولان، فإذا انقضت العدة فلا نفقة ولا سكني، فإن رجع الزوج نظر، فإن لم ترد إليه فلا كلام وإن ردت إليه عادت نفقتها من حين الرد، وأما على قوله الجديد لا تسقط نفقتها بعد حكمه لا في حال العدة ولا بعد انقضائها ما لم تزوج، فإذا تزوجت سقطت نفقتها منحين النكاح؛ لأنها بالنكاح خرجت من يده وصارت ناشز ولا نفقة للناشز، فإن فرق بينهما فلا نفقة لها أيضاً ما دامت في العدة.
قال الشافعي: " لأنه ممنوع منها بفعل من جهتها لخروجها من قبضته" فإذا انقضت عدتها نظر، فإن الأول قد رجع وتسلمها عادت نفقتها ولا كلام، وإن لم يكن الأول قد عاد ولكن عادت إلي منزله هل تعود نفقتها؟ ظاهر ما قال ههنا أنها تعود؛ لأنه ق 128 أ قال: " النفقة لها من حين نكحت ولأمن حين عدتها من الواطئ الفاسد"
وقال في "الأم": " النفقة لها وهي تحت الزوج الثاني ولا في عدتها ولا بعد انقضاء عدتها".
واختلف أصحابنا فيه علي طريقتين؛ فمنهم من قال: في المسألة قولان:
أحدهما: تعود تفقنها، لأن نفقتها إنما سقطت بتسليمها نفسها إلي غير الزوج واشتغال رحمها بمائة، فإذا فرق بينهما واستبرأت نفسها عادت إلي حالها الأول يجب أن تكون النفقة لها واجبة، سواء أظهرت التسليم أو لم تظهر كان الزوج حاضراً أو غائباً.
والثاني: لا نفقة لها حتى تظهر تسليم نفسها إليه؛ لأن النفقة إذا بطلت لم تعد إلا بتسليم حادث لنفسها إلي الزوج، منزله هذا من تعدي في وديعة بإخراجها إلي سفر، ثم يرد الوديعة إلي موضعها لا يبرأ من الضمان حتى يسلم الشيء إلي المودع، وهذا أصح عندي، قال هذا القائل: وهكذا أقول فيمن نشزت عن زوجها وهو حاضر، فغاب قبل أن تعود إليه، ثم عادت إلي منزله هل لها النفقة؟ وجهان بناء علي القولين، وعندي أنه لا تعود نفقتها بعد النشوز حتى يعلم الزوج طاعتها وجهاً واحداً، ولا يحتمل المذهب غيره، ولم يذكر القفال سوي هذا، والدليل عليه أنه لو تزوج امرأة، ثم غاب قبل أن تسلم نفسها إليه، ثم سلمت نفسها ودخلت بيته لا يلزمه نفقتها، وإن طالت الغيبة إنما لم يكن حاضراً بتسليمها كذلك ههنا.
ومن أصحابنا من قال: هما علي حالين فالذي نقل المزني إذا لم يحكم لها حاكم بالتزويج فتزوجت بنفسها والذي قالي "الأم" إذا تزوجت بحكم الحاكم؛ لأن النكاح الأول قد زال بحكم الحاكم وهي غير مقيمة علي الزوج الأول فلا تعود النفقة بفعلها حتى