يجوز للزوج الأول منعها من رضاع ذلك الولد، أما اللبا فالولد لا يعيش إلا به فلم يكن له منها منه.
وأما الرضاع ينظر فيه، فإن لم يكن هناك من ترضعه وتحضنه لم يكن له منعها لوجوبه عليها، وإن كان هناك غيرها كان له منعها منه؛ لأنه لا يجب عليها فكان لزوجها منعها من التبرع بالصوم والصلاة وغير ذلك. وأيضًا فإنه مالك لبعضها فله منعها من الاشتغال بغير، فإن أرضعته فلها الأجرة.
قال الشافعي: ولا ينفق عليها في رضاعها لولد غيره، وقال الداركي، قال أبو إسحاق: ينظر، فإن أرضعته في منزل الزوج ولم تخرج منها، فإن عليه نفقتها لأنها في قبضته، وإن خرجت إلى منزل الزوج الثاني لترضعه فلا نفقة لها سواء كان بإذنه أو غير إذنه.
ومن أصحابنا من قال: إذا خرجت بإذن الزوج إلى منزل الزوج الثاني هل يلزم نفقتها على الأول؟ وجهان بناء على القولين إذا حجت بإذن زوجها هل تسقط نفقتها؟ قولان. ق 129 ب وقال القفال: إن كانت ترضعه في بيته ويمنعه ذلك عن الاستمتاع بها فلا نفقة لها أيضًا، وفي هذا نظر لأنها إذا كانت في بيته تكون في قبضته ولا تمنعه من الاستمتاع إلا في زمان يسير ولا اعتبار به.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ ادَّعَاهُ الأَوَّلُ أَرَيْتُهُ القَافَة".
قال أصحابنا: إذا تربصت أربع سنين، وفرق الحكم بينهما وتزوجت بزوج آخر ثم أتت بولد، ثم جاء المفقود، فإن لم يدع الولد كان الولد للثاني؛ لأن بمضي أربع سنين تحققنا براءة رحمها من ماء الأول، وإن ادعاه وادعا الواطئ في النكاح الفاسد قلنا للزوج: من أي وجه تدعيه؟ فإن قال: لأنه ولد على فراشي في حال غيبتي. قلنا: هذه الدعوة باطلة، لأن رحمها قد برئت من مائك، فإن النطفة لا تمكث في الرحم أكثر من أربع سنين، وألحقنا بالولد الثاني، وإن قال: قدمت أنا في الخفية من خلال هذه المدة ووطئتها وأمكن ما قاله أريناه القافة، فإن ألحقه بأحدهما لحقه، وإن أشكل عليه وقف حتى يبلغ فينتسب إلى أحدهما. ومن أصحابنا من قال: إذا ادعى مطلقًا تقبل دعواه ويرى القافة، قال هذا القائل: وهذا لأن أصحابنا اختلفوا في لحوق ولدها به إذا لم تكن تزوجت على وجهين:
أحدهما: يلحق لأنها لم تصر فراشًا لغيره فعلى هذا تسمع دعواه مطلقًا.
والثاني: لا يلحق لأن المفقود من عدمت أخباره وانقطعت آثاره، وقد مضت مدة لا يجوز بقاء مائه معها فعلى هذا لا تسمع دعواه حتى يستفسر على ما ذكرنا.