الفصل:
المكاتب لا يتسرى على قوله الجديد، وأما على قوله القديم ليس له ذلك دون إذن السيد، وبإذنه هل يجوز؟ قولان كما نقول في تبرعاته، ثم سواء قلنا يتسرى أم لا وطء فجاءت منه فالولد مكاتب عليه ولا نعني به أنه يصير مكاتبًا مثله أو يلزمه من النجوم وإنما نعني به أنه لا يجوز له بيعه وإزالة الملك عنه ويكون موقوفًا على حكمه، فإن عتق عتق، وإن رق رق. وأما الجارية فيها قولان:
أحدهما: تصير أم ولد له ولا يبعها بحال وهو الأصح لأنه ثبت لولدها حرمة حرية منتظرة فثبتت للأم أيضًا؛ لأن حكم الأم حكم الولد ولا نريد به أنها تصير أم ولده في الحال؛ بل تريد به أنه في الحال لا يبيعها، فعلى هذا إن رق المكاتب رقًا جميعًا؛ لأنه يجوز حينئذٍ بيع الولد وحرمتها بالولد فيجوز بيعها أيضًا وإن عتق كانت أم ولده وتعتق بموته ق 138 ب.
والثاني: يبيعها ولا تصير أم ولدٍ به خاف العجز أو لا لأنها علقت بمملوك فلم تصر أم ولد، كما لو أولدها في النكاح ثم استبرأها لا تصير أم ولدٍ له، والأول اختيار المزني وهذا على أصله صحيح؛ لأن عنده الحر إذا استولد جارية بالنكاح قم ملكها صارت أم ولد أيضًا وههنا أولى.
وقال مالك: إن خاف العجز باع هذه الجارية، وإن لم يخف العجز لا يبيعها، وقال أبو حنيفة: إن مات الولد حل له بيعها، وإن كان حيًا لا يبيعها، وهذا غلط لأنها لا تخلو من أحد أمرين: إما أن تكون أم ولدٍ فلا يجوز بيعها بحالٍ كسائر أمهات الأولاد.
وإما أن لا تكون أم ولد فيجوز بيعها على كل حال كالأمة القن لا وجه للفرق الذي ذكره مالك ولا للذي ذكره أبي حنيفة.
وحكي عن الاصطخري أنه قال: لو خاف العجز إن لم يبع الولد له بيعه لأن عجزه يفضي إلى رقهما معًا فكان بيعه في عتق الأب أولى من استرقاقه مع الأب، وهذا خلاف مذهب الشافعي؛ لأن العتق بيعه مظنون، ويجوز أن يتلف ثمنه قبل أدائه في مال الكتابة فلا يجوز أن يسقط به ما استحقه على أبيه من العتق بعتقه، ويقابل هذا التجويز أنه يجوز أن يكتسب مالًا قبل تعجيزه من لقطةٍ أو هبةٍ فيعتقان معًا.
باب الاستبراء من كتاب الاستبراءمسألة:
قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ سَبْيِ أَوْطَاسٍ أَنْ تُوطَأ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ وَلَا يَشُكُّ أَنَّ فِيهِنَّ أَبْكَارًا أَوْ حَرَائِرَ كُنَّ قَبْلَ أَنْ يُسْتَأمَيْنَ وَإِمَّا