نصف البضع فيلزمها قيمة نصف لهذا المعنى، وقال أبو حنيفة، وأحمد: يرجع على المرضعة بنصف المسمى لأنه غرم هذا القدر، وهذا غلط لأنها تغرم بالإتلاف فغرمت نصف مهر المصل، وهو يغرم لها ما وجب بالعقد فيقدر المسمى.
فإذا تقرر هذا فإن كان المسمى وفق مهر المثل رجع بنصفه، وإن كان المسمى أكثر مثل إن كان المسمى ألفين ومهر المثل ألفًا رجع بنصف مهر المثل وهو خمس مائة لأنه قد حابى بالزيادة فلا يرجع بما حابى به، وإن كان مهر المثل أكثر رجع به أيضًا. وأما كيفية الضمان فقد مضى ذكره في أثناء الكلام في قدر الضمان، فإذا ثبت هذا فرع ابن الحداد على هذا، فقال: لو أن صغيرة تحت رجل لم يكن يسمى مهرًا فأرضعتها امرأة إرضاعًا فسد به نكاحها لها المتعة على زوجها ويرجع الزوج على المرضعة بتلك النفقة.
قال أصحابنا: غلط ابن الحداد فيه من وجهين ق 157 أ.
أحدهما: أنه جعل له الرجوع بما غرم وهو قول أبي حنيفة أن الزوج يرجع بما يغرم فأما عندنا الرجوع يكون بقيمة البضع.
والثاني: أنه لا يصح التفريق في حق الصغيرة فإنها إذا زوجت مفوضة بطل النكاح في أحد القولين، وفي القول الثاني يصح ويجب لها مهر المثل وينتصف ذلك بالطلاق أو بما هو في معنى الطلاق فلا تجب المتعة إلا أن تكون أمة صغيرة زوجها سيدها بلا مهر فيصح التفويض فيها لأن المهر حق للسيد وتجب لها المتعة حينئذٍ.
وقال بعض أصحابنا: غلط ابن الحداد من وجه آخر وهو أن المتعة تكون في الطلاق وههنا فسخ لا بفعل الزوج، قلنا: هذا ليس بغلط لأنه لما وجد ههنا من يغرم الزوج يقوم بضعها على الزوج وجعل كأنه طلق فيجب نصف الصداق حتى لو دبت الصبية إلى نائمة فشربت من لبنها ففسد النكاح لا شيء لها من مهر ولا متعة لأنه غرم على المرأة التي أرضعت الصغيرة منها.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ أَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ لَهُ كَبِيرةٌ لَمْ يُصِبْهَا فَسَدَ النِّكَاح".
الفصل:
إذا كان له امرأتان صغيرة وكبيرة، والصغيرة لها دون الحولين والكبيرة لها لبن من غيره فأرضعت الكبيرة الصغيرة، فالكلام ههنا في ثلاثة فصول في فسخ النكاح والتحريم والضمان.
أما النكاح فإنه ينفسخ نكاحهما معًا لأنه صار جامعًا بين أم وابنتها.
وأما التحريم فقد حرمت الكبيرة على التأييد لأنها من أمهات النساء.