وسكون الراء أيضاً، وهو جمع سريع. واحتج مالك بهذا الخبر وذكر أن القوم تكلموا عمداً لمصلحة الصلاة، ولم تبطل صلاتهم، قلنا: كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على ظن أنه خارج من الصلاة، وكلام ذي اليدين على هذا المعنى لأن الزمان زمان نسخ فزيادة الصلاة ونقصان فتوهم أنه خارج من الصلاة للنسخ وكلام آبي بكر وعمر والقوم كان بالإيماء، ويقول الرجل: قلت بيدي، وقلت برأسي على التوسعة في الكلام، وإن مع أنهم نطقوا لم يضرهمء لأنهم أجابوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجواب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يبطل الصلاة على ما ذكرنا.
والدليل على بطلان قوله أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء"، فلو جاز الكلام في هذا لاستغنى عن التسبيح والتصفيق.
وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات يوم والرجال صفان والنساء صف، فلما قام ليكبر، قال: "إن أنساني الشيطان شيئاً من صلاتي فليسبح الرجال ولتصفق النساء".
فرع
قال في "الإملاء": "النفس الشديد ليس بكلام، وكذلك النفخ حتى يكون كلاماً يفهم كقوله: أف، والأنين كالنفخ". وهذا صحيح، وجملته أنه إذا أتى من الحروف شيئاً فشيئاً يكون كلاماً مفهوماً بطلت صلاته، وهذا لأن الكلام ما تحرك به اللسان والشفة، فأما صوت يخرج من الحلق، فليس بكلام، فإذا طبق شفتيه وتنحنح 122 ب / 2 لا تبطل، ولو مد الحرف الواحد لا تبطل، لأن مجرد الحرف من غير تشديد لا يسمى كلاماً، وأقل ما يفهم حرفان عند أهل اللغةء فأما الحرف الواحد، فليس بكلام، فلا تبطل الصلاة.
وقال بعض أصحابنا: حتى لو كان حرفاً واحداً له معنى كالأمر من وقى، يقي، ق، ومن وعى، يعي، ع، جمع ومن وشى، يشي، ش. بطلت صلاته، لأنه كلام يفهم ومعناه: ق نفسك من كذا، وع كلامي، وش ثوبك. ولو قال: آه، بطلت صلاته سواء كان من خوف الله تعالى، أو من مرض وألم.
وقال أبو حنيفة: "إذا نفخ في صلاته بطلت بكل حال وأما الأنين إن كان لمرض تبطل، وان كان لخوف الله تعالى، لا تبطل، وإن بان حرفان". وهذا غلط لما روي أن عمر رضي الله عنه، قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى، ثم سجد في آخرها، وجعل ينفخ في الأرض ويبكي، ويقول: "أللهم لا بعدي بهذا وأنا فيهم، ولا بعدي بهذا ونحن نستغفرك".فرفع رأسه وقد تجلت الشمس؛ ولأن هذا لا يسمى كلاماً.