وقال أحمد: ههنا أيضاً يكون اللبن لهما كما قبل الولادة، وهذا غلط لما ذكرنا.
وأما قول الشافعي: «ومن لم يفرق بين الولد واللبن، قال: هو للأول ومن فرق قال: منهما جميعاً له ثلاث تأويلات: قال أبو إسحاق: معناه من جعل اللبن كالولد فقال: لا يجوز أن يكون اللبن من اثنين كما لا يجوز أن يكون الولد لاثنين، وإن لم يجز أن يكون الولد لاثنين يقول: إن اللبن للأول، ومن فرق بينهما وقال: يجوز أن يكون اللبن لاثنتين وإن لم يجز أن يكون الولد، قال: ههنا اللبن لهما فأبو إسحاق رد هذه المسألة إلى مسألة قبلها وهو ما قلنا إنه إذا ضاع بسببه هل يجوز أن يكون الولد من الرضاع ابنهما فيه قولان فكانت هي مفرعة على تلك.
ومن أصحابنا من قال: معناه لا يسبق اللبن للولد قبل انفصاله عن أمه وإنما لبنه هو الموجود حين انفصاله، فإ، لبنه لم يفارق قال: هو للأول، ومن قال: يفارقه ويسبقه قبل انفصاله قال: هو لهما، ومن أصحابنا من قال: معناه من جعل اللبن للولد الظاهر دون الباطن قال: هو للأول، ومن فرق بينهما وجعل اللبن للظاهر والباطن معاً قال: هو لهما وهذ قريب من التأويل الثاني.
باب الشهادة في الرضاعمسألة:
قال: «وشهادة النساء جائزة فيما لا يحل للرجال غير ذوي المحارم أن يتعمدوا النظر إليه لغير الشهادة».
الفصل:
ق 171 ب عندنا تقبل شهادة النساء على الانفراد في ثلاثة أشياء الرضاع، والولادة، وعيوب النساء تحت النساء فيقبل شهادة أربع نسوة منفردات ويقبل فيها أيضاً شهادة رجلين، أو شهادة رجل وامرأتين، وبه قال عمر، وابن عباس، ومالك، والزهري، والأوزاعي، وعطاء- رضي الله عنهم.
وقال أبو حنيفة: لا تقبل شهادتهن على الانفراد إلا في الولادة، وبه قال ابن عمر، وابن أبي ليلى، وهذا غلط لما أشار الشافعي، وهو أن الرضاع والعيوب تحت ثيابهن مما لا يحل لغير ذي محرم، أو زوج أن يتعمد النظر إليها في ذلك حتى يتحمل الشهادة ولا يمكنه أن يشهد على رضاعها بغير رؤية ثديها.
واعلم أن لفظ الشافعي ههنا يدل على أنه يجوز المحرم النظر إلى ثدي المرأة التي تكون من محارمه لأنه قال: وشهادة النساء جائزة فيما لا يحل للرجال غير ذي المحارم أن يتعمدوا النظر إليه بغير شهادة، وهذا هو المذهب.