والثاني: أنه ليس له الإنفاق عليه تعزيرها في يده من المال لأنه لا يخلو إما أن يعتق أو يرق، فإن عتق المال الذي في يده له، وقد أنفق منه على ولده، وإن عجز ورق فهو وولده مملوكًا للسيد وما في يده من المال ملك السيد فكأنه أنفق من مال السيد على عبيده فلم يكن فيه تعزي ربه.
فرع:
لو وهب للكاتب أبوه أو ابنه وهما كسوبان فله أن يقبل، فإن كان زمنًا أو غير كسوب أو الولد صغيرًا فليس له أن يقبل فإن اتهب ابنه الكسوب فمرض فعليه أن ينفق من مال الكتابة كما لو مرض المكاتب بنفسه أنفق على نفسه من ذلك. ذكره القفال.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ مُكَاتَبَةٍ وَلَيْسَ كِتَابُهُمَا وَاحِدَةً وَلَا مَوْلَاهُمَا وَاحِدًا وَوَلَدَ لَهُ فِي الكِتَابَةِ أَوْلَادٌ فَنَفَقَتَهُمْ عَلَى الأُمِّ".
الفصل:
جملة هذا أن المكاتب يلزمه أنه ينفق على ولده من أمته على ما ذكرنا، فأما ولده من زوجته فلا يلزمه أن ينفق عليه سواء كان من الحرة أو الأمة أو من المكاتبة وإنما قلنا إنه لا ينفق على ولده من امرأته الحرة، لأن الولد حر فلو أوجبنا عليه الإنفاق كان ذلك نفقة الأقارب وذلك يجب على طريق المواساة وليس المكاتب من أهل المواساة وأيضًا فإنها تجب على المؤسر والمكاتب معسر لأن ما في يده من المال يتعلق به ق 182 ب حق السيد حتى يؤدي على ما عليه ويعتق، وأما ولده من امرأته فلا يلزمه أن ينفق عليه لهذين المعنيين، وأيضًا فإن ولده منهما مملوك لغيره إن عجز كان المال للسيد فيكون قد أنفق منه على غير مملوكه والمكاتب ممنوع من التعزير بالمال.
فإن قيل: أليس فيه أن ينفق على زوجته مما في يده فما الفرق قيل: الفرق أن نفقة الزوجة طريقها المعاوضة والمكاتب في المعاوضة كالحر وليس كذلك نفقة الولد لأنها مواساة وليس المكاتب من أهل المواساة مما في يده.
فإذا تقرر أن المكاتب لا ينفق عليه فإن كان ولد حرة وجب على الأم أن تنفق عليه لأن الأب إذا لم يتحملها وجب على الأم تحملها، وإن كانت أمة مملوكة لغير سيده فنفقته على سيد الأمة لأنه مملوك له، وإن كانت أمة مكاتبة لغير السيد فيه قولان:
أحدهما: أنه مملوك للسيد فيلزمه أن ينفق عليه.