كالمهر والصحيح أنها تجب بالتمكين لأنها تجب بوجوده وتسقط بعدمه، وأما وقت وجوب التسليم فعلي القولين جميعاً يلزم أن يعطيها بالغداة لأنها تحتاج إلي الطعن والإصلاح، فلو قلنا يعطيها بالعشى لم يلحق وقت الحاجة فلو دفع إليها الغداة، ثم طلقها أو ماتت لا يسترجع شيئاً لأنه دفع ما وجب لها. وقال صاحب "الحاوي": أختلف أصحابنا في تحرير العبارة عن النفقة فقال البغداديون: تجب بالتمكين المستند إلي عقد فجعلوا الوجوب مطلقاً بالتمكين وتقدم العقد شرطاً.
وقال البصريون: يجب بالعقد والتمكين فجعلوا الوجوب معلقاً بالعقد وحدوث التمكين شرطاً فيه وتأثير هذا الاختلاف يكون في زمان التأهب للتمكين هل تستحق فيه النفقة، فمن جعل التمكين في الوجوب أصلاً وجعل العقد شرطاً لم يوجب لها النفقة في زمان التأهب للتمكين وأوجها بكمال التمكين ومن جعل العقد في الوجوب أصلاً ق 191 ب وجعل حدوث التمكين شرطاً أوجب لها النفقة من أول زمان التأهب للتمكين إلي أقصي كمال التمكين.
واعلم أن التمكين بأمرين لا يتم إلا بهما.
أحدهما: تمكنه من الاستمتاع يها.
والثاني: تمكنه من النقلة إلي حيث يشاء إذا كانت السبيل مأمونة، فلو مكنته من نفسها ولم تمكنه من النقلة معه لم تجب النفقة، لأن التمكين لم يكمل إلا أن يستمتع بها في زمان الامتناع من النقلة فيجب لها النفقة ويصير استمتاعه بها عفواً عن النقلة في ذلك، وعلي هذا لو كان الزوج غائباً فبذلت نفسها وعرف الزوج وكمال التمكين بمضي زمان الاجتماع فعلي قول البغداديين تجب نفقتها حينئٍذ ولا تجب بما تقدم من بذل التسليم، وعلي قول البصريين تجب نففقتها من وقت الشروع في التسليم بناءً علي اختلافهم في التمكين هل هو في وجوب النفقة صل أو شرط.
باب الحالة التي تجب فيها النفقة ولا تجبمسألة:
قال: "وَإِذَا كَانَتْ المَرأةُ يجُامَعُ مثْلهَا فَخَلَّتْ أَوْ جَلاَ أَهْلُهَا بَيَنهُ وَبَيْنَ الدُّخُولُ بِهَا وَجَبَتَ عَلَيْه نَفَقَتُها".
الكلام الآن في بيان الحالة التي تجب فيها النفقة ولا يخلو حال الزوجين من أربع أحوال. إما أن يكونا كبيرين أو يكون الزوج كبيراً والزوجة صغيرة أو الزوجة كبيرة والزوج صغيراً أو يكونا صغيرين، فإن كان كبيرين فالنفقة في مقابلة التمكين، وإن عدم التمكين فلا نفقة وينبغي أن يكون التمكين مستنداً إلي عقد صحيح، فإن وجد التمكين من