الغاسل؛ لأنه يستحق تعبد الله تعالى. ومن أصحابنا من قال: يغسلها زوجها وينوي استباحة 46 أ/ 1 الاستمتاع. ثم إذا عقلت هل تصلي به؟ وجهان، وفيه نظر.
فرع آخر
المسلمة إذا اغتسلت من الحيض بنية إباحة الاستمتاع، هل يباح وطئها؟ قال بعض أصحابنا: فيه وجهان بخلاف الذمية؛ لأنها تقدر على الغسل للأمرين فلا تحتاج حاجة إلى التبعيض. وعندي انه يحل وطئها ويحل لها أن تصلي به أيضاً تنوي استباحته ما لا يستباح إلا بالغسل، فصارت كالجنب تغتسل بنية الله في المسجد يجوز لها أن تصلي به. ولعل القائل الأول أراد به إذا نوت استباحة الاستمتاع فقط وتفت استباحة غيره.
فإذا تقرر هذا فالكلام في النية في ثلاث فصول: في محلها، وموضعها، وصفتها.
فأما محلها فهو القلب، لقوله تعالى {ومَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} البينة: 5 والإخلاص بالقلب، فإن نوى بقلبه وتلفظ بلسانه فهو الكمال. وإن نوفي بقلبه ولم يتلفظ بلسانه جاز. وإن تلفظ بلسانه ولم ينو بقلبه لم يجز؛ لأنه لم يأت بها في محلها، فصار كما لو نوى بقلبه قراءة الفاتحة ونفكرها ولم يتلفظ بها لا يجوز. وإن نوى بقلبه وتلفظ بلسانه غير ما نواه فإنه يجوز ويلغي ما تلفظ به. وقال أبو عبد الله الزبيري من أصحابنا: النية هي اعتقاد بالقلب وذكر باللسان ليظهر بلسانه ما اعتقده بقلبه، فيكون على كمال من نبتا وثقة من اعتقاده، فلا يجوز حتى ينوي ويتلفظ.
وأما موضعها: فلها موضعان: استحباب، ووجوب:
46 ب/ 1 فأما الاستحباب: فهو أن ينوي مع ابتداء طهارته عند غسل اليدين ويستديم ذكرها إلى آخرها حتى تشمل نيته الفرائض والسنن. وقال أبو حامد يستدعها إلى أن يغسل شيئاً من محل الفرض، والأول أصح. وقال القفال: النية أن ينوي مرتين؛ مرة عند غسل البدن، ومرة عند غسل الوجه وهذا أحسن.
وأما الوجوب: فهو أن ينوي مع غسل جزء من محل الفرض وهو الوجه.
فرع
لو نوى في الابتداء واستدام إلى غسل الوجه، فقد أتى بالسنة، ولو عرّبت نيته قبل البدأة بغسل الوجه. فإن عزيت قبل المضمضة والاستنشاق لا يجوز؛ لأن غسل اليدين ليس من أفعال الوضوء الراتبة، وإنما أمر بهما لخوف النجاسة على ما ورد في الخبر.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان، والأظهر أنه يجوز؛ لأن الصحيح أنه
يحتسب ابتداء الوضوء من غسل اليدين، وهذا غير صحيح عندي. وقال هذا القائل: لو نوى مع الاستنجاء أو السواك ثم غربت نيته قبل غسل اليدين، فيه وجهان بناء على أنه من جملة الوضوء أم لا؟ وهذا ليس بشيء.