وأما الباقي الذي قصده باختياره لا يبطل الطهارة، فلا يبطل الصلاة. وعلى هذا قال الشيخ الإمام سهل الصعلوكي رحمه الله: لو كان بال ثم تغوط الآن لا تبطل الصلاة أيضاً.
وقال بعض أصحابنا بالعراق: العلة في باقي البول أنه يحتاج إلى إخراج باقيه، وهو حدث واحد فكان حكم باقيه حكم أوله، فعلى هذا إذا أحدث حدثا أخر بطلت صلاته، لأنه لا يوجد فيه هذه العلة.
مسألة: قال: "وإن عمل عملا قليلا مثل دفعه المار بين يديه أو قتل حية".
الفصل
وهذا كما قال: جملته أن العمل القليل لا يبطل الصلاة عامداً كان أو ساهياً، وهذا إجماع، لأنه لا بد فيها من قليل العمل، لأنه يدفع المار ويسوي ثوبه ويميط عنه الأذى 125 أ / 2 إن أصابه.
وقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يملي بأصحابه، فخلع نعليه، فوضعه عن يساوه، فلما رأى ذلك القوم، ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته، قال: "ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ " قالوا: رأيناك ألقيت نعليك، فألقينا نعالنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جبريل عليه السلام أتاني، فأخبرني أن فيهما قذراً". وفي هذا دليل أيضاً على أن الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أفعاله واجب كهو في أقواله، فإن أصحابه نزعوا نعالهم لما وأوه نزعه، ودفع وسول الله - صلى الله عليه وسلم - المار بين يديه، وكان يحمل أمامة بنت أبي العاص، "فكان إذا سجد وضعها، وإذا قام رفعها". وهذا عمل كبير عند الجمع ولكن مرة قليل.
وأما حد القليل والكثير، قيل: المرجع فيه إلى العرف والعادة.
ومن أصحابنا من قال: حد القليل أن يفعل فعلا لا يتراءى للنظارة أنه في غير الصلاة، وحد الكثير أن يفعل فعلا يتراءى للنظار أنه ليس في الصلاة، وهذا اختيار مشايخ خراسان. ومن أصحابنا من قال: كل عمل لا يحتاج فيه إلى اليدين، فهو قليل كحك الجربان، وإن احتيج فيه إلى اليدين كان كثيرا مثل تكوير العمامة وهذا ليس بشيء.
فرع
قال الشافعي في "الجديد": "القليل مثل دفعه المار بين يديه وقتل الحية