فنظر فرأى في قبلة المسجد نخامة، فأقبل عليها فحتها بالعرجون، ثم قال: "أيكم يحت أن يعرض الله عنه، إن أحدكم إذا قام يصلي، فإن الله تعالى قبل وجهه، فلا يبصقن قتل وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادره، فليقل بثوبه هكذا، ووضعه على فيه ثم دلكه أروني عبيراً، فقام فتى من الحي يشتد إلى أهله، فجاء بخلوف في راحته، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم لطخ به على أثر النخامة".
قال جابر: فمن هناك جعلتم الخلوف في مساجدكم، والعرجون عود لباسه النخل، وسمي عرجوناً لانعراجه، وهو انعطافه. وقوله: فإن الله قبل وجهه، أي: القبلة التي أمره الله تعالى بالتوجه إليها للصلاة قبل وجهه، وفيه هذا الإضمار إنما أضيفت تلك الجهة إلى الله تعالى على سبيل التكرمة كما يقال: بيت الله، فإن كان يصلي في غير المسجد، فلا يبصق عن يمينه ولا بين يديه، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه اليسرى، فإن بادره جعله في ثوبه، وحك بعضه ببعض كما في الخبر.
قال أصحابنا: فإن بصق في المسجد ناسياً دفنه لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه".
فَرْعٌ آخرُ
لو وجد قملة في ثيابه فالأولى أن يتغافل عنها، فإن رمى بها جاز لأنه عمل قليل، وإن قتلها جاز لأن دمها، معفو عنه، ولا يرميها في المجد.
فَرْعٌ آخرُ
من دخل في الصلاة بنية الإطالة، ثم نابه شيء كالخوف 127 أ / 2 على المال والحريق والغريق أو بكاء ولد أو حاجة، فله التخفيف، بل يستحب ذلك لما روى أنس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إني لأدخل في الصلاة أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبي خلفي، فأخفف لما أعلم من قلب أمه".
فَرْعٌ آخرُ
قال الإمام أبو سليمان: "إذا صلى المصلي وحده، فالأدب أن يخلع نعله ويضعها عن يساره، ولو كان مع غيره في الصف وكان عن يساره ويمينه ناس، فإنه يضعها بين رجليه". وهذا لما روينا من خبر أبي سعيد الخدري في نزع النبي - صلى الله عليه وسلم - نعله.
وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه