وفي رواية أخرى أنه قال: "إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام، فليصل معه، فإنها نافلة".
وقوله: "ترعد فرائصهما"، جمع الفريصة: وهي لحمة وسط الجنب عند منبض القلب ترتعد عند الفزع. وروى صعصعة بن أبي العريف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا صلى أحدكم في رحله، فوجد الناس يصلون، فليصل بصلاتهم وليجعل صلاته في بيته نافلة".
وروي أن رجلاً سأل أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه، فقال: يصلى أحدنا في منزله الصلاة، ثم يأتي المسجد وتقام الصلاة، فليصل معهم، فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ذلك له سهم جمع"، وأراد أنه سهم من الجزء جمع له فيه حظان.
وقال الأخفش: أراد سهم الجيش، وهو السهم من القسمة والجمع ههنا الجيش مثل قوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} القمر: 45. وأما خبرهم محمول على إنشاء الصلاة ابتداء من غير سبب، قلنا: إذا كان لها سبب، وهو إحراز الفضيلة، فلا يدخل تحت النهي أو صار ذلك منسوخاً، لأن خبرنا كان في حجة الوداع. وأما قوله: لا يجوز التنفل بالوتر لا يسلم، فإنه يجوز عندنا.
فَرْعٌ آخرُ
إذا أراد أن يصلي ثانياً مع الإمام ينوي الفريضة كما في الأولى. ومن أصحابنا من قال: يطلق النية إن شاء قيد 131 أ / 2 بالغرض. والصحيح الأول، وقيل: إن قلنا: الفرض أكملهما ينوي الفرفية. وإن قلنا: الثانية نافلة، فيه وجهان:
أحدهما: ينوي النفل لأنها تقع نفلاً.
والثاني: وهو الصحيح ينوي الفرض لأن القصد إدراك فضيلة الجماعة، ولا تشرع الجماعة في النوافل.
فَرْعٌ آخرُ
إذا صلى ثانياً، أيهما تكون فريضة؟ قال في "الجديد": الأولى فرضة، والثانية سنة. وبه قال أبو حنيفة وأحمد بدليل ما ذكرنا من نص الخبر الصريح، ولأن الأولى تسقط الغرض بدليل أنه لا يجب عليه الثانية، فدل على أنها نافلة.
وقال في "القديم" "أحديهما: فرضه لا بعينها يحتسب الله تعالى له بأيهما شاء". وقيل: يحتسب الله تعالى بأفضلهما وأكملهما، وعبارة هذا أحسن، ووجه هذا أنه استحب إعادتها ليكملهما بالجماعة، فلو كانت الثانية نافلة لم يستحب لها الجماعة، وهذا لا يصح، لأن ههنا الجماعة سببهما.