وقيل: خمسة دراهم، لأن لا تساوي دية الحر استدلالاً بأنه آدمي مضمون بالجنابة فلم يضمن بأكثر من دية حر كالحر، ولأنه يضمن بالجناية ضمان النفوس لوجوب الكفارة فيه فوجب أن يضمن كالأطراف، ولأن نقصه بالرق يمنع من كمال بدله كالناقص القيمة، وهو معنى قول أبي حنيفة: لا أوجب في المملوك مما أوجب في المالك.
ودليلنا قول الله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} البقرة: 194 والمثل في الشرع مثلان مثل يفي الصورة، ومثل في القيمة فإذا لم يعتبر المثل في الصورة اعتبر في القيمة ما بلغت، ولأن حرمة الآدمي أغلظ من حرمة البهيمة، ثم كانت البهيمة مضمونة بجميع قيمتها فكان أولى أن يضمن العبد بجميع قيمته.
وتحريره قياساً بأحد معنيين: أن تقول في أحدهما: إنه مملوك مضمون فوجب أن لا تتقدر قيمته كالبهيمة.
والثاني: أن ما لم يتقدر أقل قيمته لم تتقدر أكثرها كالبهيمة، ولأن ضمان العبد بالجنابة أغلظ من ضمان باليد، ثم كان في اليد مضموناً بجميع قيمته فكان أول أن يضمن في الجناية بجميع قيمته. ويتحرر منه قياسان:
أحدهما: أنه أحد نوعي الضمان فوجب أن يستوفي به قيمة المضمون كالضمان باليد.
والثاني: أن ما ضمنت قيمته باليد ضمنت قيمته بالجناية كالناقص القيمة، ولأن العبد متردد الحال بين أصلين:
أحدهما: الحر لأنه آدمي مكلف يجب في قتله القود والكفارة.
والثاني: البهيمة لأنه مملوك يباع ويوهب ويورث وهو في القيمة ملحق بأحد أصلين.
فلما بالبهيمة في ثلاثة أحوال:
أحدها: إذا قلت قيمته.
والثانية: إذا ضمن باليد.
والثالثة: إذا ضمنه أحد الشريكين بالعتق.
وجب أن يلحق بالهيمة في الحال الرابعة وهو إذا أرادت قيمته في ضمانه بالجناية، لأنه لا يجوز أن يلحق بالبهيمة في أقلها، ويلحق بالحر في أكثرها، ولأنهم لا يلحقونه بالحر في أكثرها حتى ينقصوا من قيمته عشرة، فلم يسلم لهم أحد الأصلين.
فأما الجواب عن قياسهم على الحر، فهم لا يساوونه بالحر لما يعتبرونه من نقصان قيمته عن دية الحر فهذا جواب.
وجواب ثان أنه لما يلحق بالحر في ضمانه باليد لم يلحق في ضمانه بالجناية، ولما امتنع أن يلحق به إذا نقصت قيمته امتنع أن يلحق به به إذا نقصت قيمته امتنع أن يلحق به إذا زادت.
وقياسهم على ضمان أطرافه فأطرافه معتبرة بقيمته، وقيمته غير مقدرة، فلم تتقدر بها