قال في الحاوي: أما القتل بالمثقل وما يقتل مثله في الأغلب من الخنق والحرق والتغريق، وما أشبه، ففيه القود على ما سنصفه.
وبه قال مالك، وابن أبي ليلى، وأبو يوسف، ومحمد.
وقال أبو حنيفة: لا قود في المثقل إلا أن يكون حديداً كالعمود، ولا قود في غير المثقل إلا أن يكون بالنار، استدلالاً بظاهر ما رواه الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا قود إلا بالسيف".
وروى عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: "لا قود إلا بحديدة".
وروى جابر، عن أبي عازب، عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل شيء خطأ إلا السيف وفي كل خطأ أرش".
وروى القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على درج الكعبة يوم الفتح: "الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط أو العصا مائة من الإبل مغلظة، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها".
وروى إبراهيم عن عبيد عن المغيرة بن شعبة قال: ضربت امرأة ضرتها بعمود فسطاط وهي حبلى فقتلها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على عصبتها.
وهذه كلها نصوص في سقوط القود بالمثقل.
ومن طريق المعنى: أنه لما لم يقع الفرق في المحدد بين صغيرة وكبيرة في وجوب القود، اقتضى أن لا يقع الفرق في المثقل بين صغيرة وكبيرة في سقوط القود.
ودليلنا قول الله تعالى: {ومَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} الإسراء: 33 وهذا قتل مظلوماً فوجب أن يكون لوليه القود.
وروى شعبة عن هشام بن زيد عن جده أنس بن مالك أن جارية كان عليها أوضاح فرضخ رأسها يهودي بحجر، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها رمق فقال لها: من قتلك؟ وذكر لها جماعة وهي تشير برأسها إلى أن ذكر اليهودي فأشارت برأسها نعم فأمر به