أحدهما: أن يلقيها بين يديه فلا ضمان عليه بخلاف السبع لا يضر أو الحية تهرب.
والثاني: أن يلقيها على جسده، فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون نهشها موجياً مثل حيات الطائف، وأفاعي مكة، وثعابين مصر وعقارب نصيبين فعليه القود.
والثاني: أن تكون غير موجية قد يسلم الناس منها كحيات الدود والماء، ففيه قولان:
أحدهما: عليه القود اعتباراً لجنس القاتل.
والثاني: لا قود، ليه الدية، لإمكان السلامة، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولو قطع مريئة وحلقومه أو قطع حشوته فأبانها من جوفه أو صيره في حال المذبوح ثم ضرب عنقه آخر فالأول قاتل دون الآخر".
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا كانت جناية الأول قد أتت على النفس بقطع حلقومة أو مريئة أو قطع حشوته، فهو في حكم الميت، لانتقاض بينته التي تحفظ حياته، ولا حكم لما بقي من الحياة، لأنها تجري مجرى حركة المذبوح التي لا ينسب معها إلى الحياة وتجري مجرى الاختلاج، وإن كانت أقوى فلو جاء آخر بعد أن صيرة الأول على هذه الحال فضرب عنقه كان الأول قاتلاً يجب عليه القود أو الدية والثاني عابثاً فجرى مجرى ضرب عنق ميت فلا يجب عليه قود ولا دية، لكن يعزر أدباً لانتهاكه الحرمة التي يجب حفظها في الحي والميت وسواء كان مع جناية الأول يتكلم لأن كلامه مع انتهائه إلى هذه الحال يجري مجرى الهذيان الذي لا يصدر من عقل صحيح، ولا قلب ثابت حكي ابن أبي هريرة أن رجلاً قطع وسطه نصفين فتكلم واستسقى ماء فسقى، وقال: يفعل بالجيران، وهذا إن صح فهو كلام تصور في النفس قبل قطعة فنطق به اللسان بعده فلم يجر عليه حكم، ولو وصى لم تمض وصيته، ولا يصح منه إسلام ولا كفر.
وهكذا لو افترسه سبع فقطع حشوته أو قطع مريئة أو حلقومه، ثم ضرب إنسان عنقه فلا قود عليه، لأن السبع قد أتى على حياته، والباقي منها غير مستمر، فلم يجز عليه حكم.
ومثاله في مأكولة السبع إذا قطع حشوتها ثم ذبحت لم تؤكل، لأن الباقي من حياتها غير مستقر فلم يجز عليها حكم الزكاة.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو أجافه أو خرق أمعاءه ما لم يقطع حشوته فيبينها منه، ثم