فَرْعٌ آخرُ
كيف يقعد ههنا؟ فيه قولان. قال في البويطي: "يجلس في موضع القيام متربعاً، وفي التشهد الأول مفترشاً، وفي التشهد الأخير متروكاً" كما حكاه ابن المنذر والساجي. وبه قال مالك والثوري وأبو يوسف وأحمد واسحق والليث إلا أنهم لا يقولون بالتورك.
وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وأنس رضي الله عنهم، ووجه ما روي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي النفل متربعاً". وروى المزني والقاضي أبو حامد عن الشافعي أنه يجلس كما يجلس في التشهد مفترشاً، لأنه قعود في أثناء الصلاة، فأشبه القعود للتشهد الأول، ولأن القعود 132 ب / 2 متربعا فعل الجبابرة والقعود مفترشاً جلوس تواضع، فهو أليق بالصلاة. وهذا أصح.
وقد قال ابن مسعود: "لأن أجلس على رضفة أحب إلي من أن أصلي متربعاً". وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير المتربع".
وقال بعض أصحابنا: إلا أن تكون امرأة فالأستر لها التربع، وهذا غريب. وهكذا الخلاف في القعود في النافلة. وروى محمد عن أبي حنيفة: "يقعد كيف شاء".
وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه يجلس متربعا وكيف قعد، فإذا جاء وقت الركوع حنى ظهره، ثم سجد إن قدر على السجود، وإن لم يقدر فعل ما ذكرنا.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان يصلي جالساً، فقدر على القيام في مواضع قيامه يلزمه القيام، ثم ينظر، فإن قدر عليه قبل القراءة، قام وأتى بها قائماً، وان قدر بعد الفراغ منها قام ليأتي بالركوع عن قيام، قال: وأستحب له أن يعيد القراءة قائماً، وبهذا غلط.
قول بعض أصحابنا: أنه إذا كرر الفاتحة بطلت صلاته.
وحكي عن ابن الوكيل وأبي الوليد النيسابوري صاحب ابن شريج، قالا: "تبطل الصلاة، لأنها وكن كالركوع"، وهذا غلط بخلاف النص. والفرق أن الركوع إذا كرره يأتي بالثاني في غير موضعه، وههنا يأتي بالفاتحة ثانياً في موضع القراءة أنه تطويل الركوع وأيضاً لا يقاس الذكر على الفعل، لأن ما ليس بركن في الصلاة من الأفعال مثل الجلوس للتشهد الأول لا يجوز تكراره، والقراءة التي ليست بواجبة يجوز تكرارها، ولا يبطل ذلك الصلاة، فكذلك الواجبة فيها. وهكذا الحال لو تشهد مرتين عمداً، وإن قدر على القيام في أثناء قراءة الفاتحة قطع القراءة وقام ولا يقرأ حال