ويستوي حكم الجناية في الاندمال أو السراية، لأن الواجب فيهما قيمة كاملة، ولو فقأ إحدى عينيه وجب فيها نصف قيمته إن اندملت، وهو ألف دينار، وإن سرت إلى نفسه وجب فيها جميع قيمته وهو ألفا دينار.
والثاني: أن يعتقه السيد بعد الجناية عليه فهذا على ضربين:
أحدهما: أن تستقر الجناية بالاندمال فيجب فيها القيمة الكاملة ألفا دينار، سواء كان العتق قبل الاندمال أو بعده لأن ما اندمل ولم يسر اعتبر فيه وقت الجناية وكان الاندمال معتبرًا في الاستقرار دون الوجوب، كما لو فقأ عيني نصراني فأسلم ثم اندملت عيناه وجب فيهما دية نصراني، وإن كان عند الاندمال مسلمًا كذلك العبد إذا اندملت عيناه بعد عتقه وجب فيهما قيمته عبدًا، وإن كان عند الاندمال حرًا.
والثاني: أن تسري الجناية إلى نفسه وقد أعتقه السيد قبل موته فيجب فيها دية حر، وذلك ألف دينار، لأنها إذا سرت إلى النفس اعتبر بها وقت السراية دون الجناية، لدخول الأطراف في النفس، هذا مذهب الشافعي وجمهور أصحابه.
وقال المزني يجب فيها ألفا دينار اعتبارًا بوقت الجناية استدلالًا بأمرين:
أحدهما: أن السيد قد ملك بالجناية ألفي دينار هي قيمة عبده والعتق الذي هو قربة إن لم يزده خيرًا لم يزده شرًا.
والثاني: أن الاندمال غاية كالسراية، ثم كان الاندمال بعد العتق يقتضي نقص قيمته، كذلك السراية، وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أنه لما اختلف الاندمال والسراية في نقصان القيمة، وجب أن يختلفا في زيادة القيمة قيمته عبدًا، لأنه لو كان قيمته مائة دينار ثم اندملت بعد عتقه وجب فيها مائة دينار ولو سرت إلى نفسه وجب فيه ألف دينار ديته حرًا، كذلك إذا كانت قيمته ألفا دينار وجب فيها إذا اندملت ألفان، وإذا سرت إلى النفس ألف.
والثاني: أنه لما اختلف الاندمال والسراية في ديات الأطراف حتى لو قطع يديه ورجليه، وجب في الاندمال ديتان، وفي السراية دية واحدة، وجب أن يختلفا في قدر الدية فيجب إذا اندملت ألفا دينار، وإذا سرت ألف واحد، وهذا دليل وانفصال، والخير المستزاد بالعتق هو الثواب، ونقصان القيمة فيه ليس بشر، وإنما هو الإبراء والمعونة فصار خيرًا أيضًا.
فصل:
فإذا ثبت أن الواجب فيها بعد السراية ألف دينار، وإن وجب بالاندمال ألفان فهذه الألف ملك للسيد المعتق دون ورثة العبد. فإن قيل فهلا كانت لورثته المسلمين دون النصارى، لأنه مات مسلمًا.
قيل الفرق بينهما: أن النصراني كان ملكًا للأرش في الجناية قبل إسلامه، فورثت