عنه بعد موته مسلمًا، والجناية على العبد كانت ملكًا لسيده، فلم تورث عنه بعد موته حرًا.
فإن قيل: فهلا جعلتموها بين السيد والورثة نصفين لأنها مستحقة بجناية في ملك السيد وسرائه بعد العتق في ملك المعتق، فيكون ما قابل زمان الرق ملكًا للسيد وما قابل زمان العتق للوارث كما لو كسب مالًا في العتق ومالًا في الرق كان ما كسبه في الرق لسيده، وما كسبه في العتق لوارثه قيل: السراية أثرت نقصانًا في حق السيد. فلم يجز أن يشاركه الوارث ولو أثرت زيادة كانت للوارث، مثل أن تكون قيمته مائة دينار، وقت الجناية، ثم يسري بعد العتق إلى نفسه فيجب فيها ألف دينار ديته حرًا، فيكون للسيد منها مائة دينار هي قيمته عبدًا والباقي وهو تسع مائة دينار لورثته لحدوثها بعد عتقه.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولو قُطع يد عبدٍ وأُعتق ثم مات فلا قود إذا كان الجاني حُرًا مُسلمًا، أو نصرانيًا حُرًا، أو مُستأمنًا حُرًا، وعل الحُر الدية كاملةً في ماله للسيد منها نصف قيمته يوم قطعه والباقي لورثته".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن المعتبر في القصاص حال الجناية، والمعتبر في الدية حال الاستقرار، إما بالاندمال أو بالسراية إلى النفس؛ لأن المقطوع كان وقت الجناية عبدًا، وعلى القاطع دية حر؛ لأن المقطوع مات حرًا، وللسيد منها أقل الأمرين من نصف قيمته عبدًا؛ لأنه لم يجب له وقت الجناية أكثر منها، أو جميع ديته حرًا؛ لأن السراية لم تستقر في أكثر منها.
وقال أبو علي بن أبي هريرة للسيد أقل الأمرين من نصف قيمته عبدًا أو نصف ديته حرًا.
وهذا زلل من أبي علي؛ لأن الجناية من شخص واحد؛ ولا يخلو حالها من أحد أربعة أقسام:
إما أن يعتبر بها وقت الجناية فنصف القيمة قلت أو كثرت، أو يعتبر بها وقت الموت فجميع الدية قلت أو كثرت أو يعتبر بها أكثر الأمرين فلا يجوز، وهو مردود بالاتفاق، أو يعتبر بها أقل الأمرين، وهو المتفق عليه، فيجب أن يكون الأقل ما وجب في الابتداء، وهو نصف القيمة أو بما استقر في الانتهاء، وهو جميع الدية.
فأما أقل الأمرين من نصف القيمة أو نصف الدية فلا يعتبر إلا في جناية الاثنين، وهو أن يقطع حر يده قبل العتق ويقطع آخر يده الأخرى بعد العتق، ثم يموت فتكون عليها دية حر بينهما نصفين، وللسيد منها أقل الأمرين من نصف قيمته، أو نصف ديته؛ لأنهما جنايتان: