والثاني: وهو قول الجمهور أنه يستحق فيه القصاص وإن سقط القود في النفس لتمييزها في القطع، وإن اشتركا في النفس.
فإن قيل بالوجه الأول أنه يسقط القصاص في الطرف لسقوطه في النفس وجب الدية، وكان للسيد منهما أقل الأمرين من نصف قيمته، أو نصف ديته وجهًا واحدًا، وبخلافه لو تفرد بالجناية عليه قبل عتقه؛ لأن نصف الجناية ها هنا في حال الرق ونصفها بعد العتق، فلم يستحق إلا أقل الأمرين من نصف القيمة أو نصف الدية، ويكون الباقي للورثة ولعل ابن أبي هريرة خالف في تلك المسألة حملًا على هذه والفرق بينهما واضح.
وإن قيل بالوجه الثاني: أنه لا يسقط القصاص في الطرق الثاني، وإن سقط في النفس فهو مستحق للوارث دون السيد، فإن اقتص منه فقد استوفي به نصف الدية، وإن كان ما أخذه السيد من أقل الأمرين هو نصف الدية، فقد استوفي كل واحد من السيد والوارث حقه، وإن كان السيد قد أخذ نصف القيمة؛ لأنه أقل من نصف الدية كان زائدًا عليه من نصف الدية راجعًا على الوارث؛ لأنها زيادة حدثت بالحرية.
وأما القسم الثالث: وهو أن يندمل القطع الأول، ويسري الثاني إلى النفس، فعلى الجاني في القطع الأول نصف قيمة قلت أو كثرت لاندمالها في عبد ولا قصاص فيها؛ لأنها جناية حر على عبد.
وعليه في القطع الثاني القود في النفس لسرايته إليها، وأنها من حر إلى حر، فإن عفا عنه فعليه جميع الدية لاستقرارها في نفس حر، فيصير بالقطعين ملتزمًا لنصف القيمة وجميع الدية يختص السيد بنصف الدية والورثة بجميع الدية.
وأما القسم الرابع: وهو أن يندمل القطع الثاني، ويسري القطع الأول في النفس، ففي القطع الثاني نصف الدية وفيه القصاص وجهًا واحدًا، لاستقرارها من حر على حر.
فأما الأول فقد صار نفسًا فلا قصاص فيه؛ لأنها جناية حر على عبد، وفيه دية حر لاستقرارها في حر، يكون للسيد منها الأقل من نصف قيمته أو نصف ديته.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو قطع ثانٍ بعد الحُرية رجله، وثالثٌ بعدهما يده، فمات فعليهم دية حر، وفيما للسيد من الدية قولان، أحدهما: أن له الأقل من ثلث الدية ونصف قيمته عبدًا، ولا يجعل له أكثر من نصف قيمته عبدًا، ولو كان لا يبلغ إلا بعيرًا؛ لأنه لم يكن في ملكه جنايةٌ غيرها، ولا يُجاوز به ثلث دية حر، ولو كان نصف قيمته مائة بعير من أجل أنه تنقص بالموت، والقول الثاني: أن لسيده الأقل من ثلث قيمته عبدًا، أو ثلث ديته حُرًا، لأنه مات من جنايةٍ ثالثةٍ: قال المزني رحمه الله: وقد قطع في