وأما استدلالهم بالنكاح في وضعه لنفي العار فليس بصحيح، لأن القود يستحق للتشفي لا لنفي العار على أن ولاية النكاح لا تورث إنما تستفاد بالنسب، والقود موروث فافترقا.
وما ذكره من اختصاص القود، من يتحمل العقل فاسد بالآباء والأبناء والصغار والفقراء كل هؤلاء يرثون القود، ولا يتحملون العقل كذلك النساء.
فصل:
فإذا ثبت أن القود موروث كالمال لم يخل حال القتيل من ثلاثة أحوال:
أن يكون له ورثة يستحقون جميع ماله فلهم الخيار بين ثلاثة أمور:
إما القود، أو الدية أو العفو عنهما.
والثانية: أن لا يكون له وارث بحال فالإمام وليه لأنه موروث لبيت المال، وللإمام الاختيار في اعتبار الأصلح من أمرين: القود، أو الدية، وهل له الخيار في العفو عنه؟ على وجهين:
أحدهما: له الخيار في العفو عنهما كالورثة.
والثاني: لا خيار له في العفو عنهما؛ لأنه نائب فلم يجز أن يسقط الحق بغير بدل.
والثالثة: أن يكون له من الورثة من يستحق بعض تركته كالزوج والزوجة. فليس لهذا الوارث أن ينفرد بالقود، لأنه لا ينفرد بالميراث وشريكه في استيفائه الإمام؛ لأن باقي التركة ميراث لبيت المال.
فإن اتفق الوارث والإمام على القود وجب، وإن أراده أحدهما دون الآخر سقط، واستحق الدية، وكان الوارث في حقه منهما بالخيار بين الاستيفاء والعفو، وفي خيار الإمام في حق بيت المال فيهما وجهان على ما مضى.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولا يقتل إلا باجتماعهم، ويحبس القاتل حتى يحضر الغائب، ويبلغ الطفل، وإن كان فيهم معتوهٌ فحتى يُفيق أو يموت فيقوم وارثه مقامه".
قال في الحاوي: أما إذا كان ورثة القتيل أهل رشد لا ولاية على واحد منهم، فليس لبعضهم أن ينفرد بالقود دون شركائه، وعليه أن يستأذن من حضر وينتظر من غاب، وهذا متفق عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فأهله من خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا العقل" فأما إن كان فيهم مولى عليه لعدم رشده بجنون أو صغر فقد اختلف فيه الفقهاء.