وقال أصحابنا: لو نصب بين يديه شيئاً فمر به مار وراء ما يصلي إليه لم يضره وإن مر من بين يديه دفعه ومنعه من المرور بين يديه، وله أن يضربه، وإن أدى إليه قتله، ولو لم ينصب شيئاً، فالحكم هكذا سواء كان في مسجد، أو منزل أو صحراء، وإنما لا يجوز ذلك في موضع سجوده، 135 ب / 2 وفيما عداه يجوز.
والأصل في هذا ما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا كان أحدكم يصلي، فلا يدع أحداً يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان".
وروي: "إذا مر المار بين يدي أحدكم فليدفعه، فإن أبى فليدفعه فإن أبى فلمقاتله".
والدرء: المدافعة. وقوله: "فإنما هو شيطان"، أواد أن الشيطان يحمله على ذلك، أو أنه من فعل الشيطان وتسويله له.
وروى ابن عمر رضي الله عنه: "فليقاتله، فإن معه القرين"، يريد الشيطان. وقال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله: "إن لم يكن المصلي يصلي إلى سترة وأراد المار أن يمر، فليس له درؤه، ولا دفعه". بدليل ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت وسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شي، يستره من الناس، فإن أراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفع من عجزه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان"، فشرط أن يصلي إلى ستره، وهذا غريب.
وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ما فيه لوقف أربعين "، منهم من قال: أراد أربعين سنة، ومنهم من قال: أربعين يوماً، وقيل: أربعين ساعة.
وقال ابن عمر وأنس والحسن رضي الله عنهم: "يقطع صلاة الرجل الحمار والكلب الأسود والمرأة". وقال ابن عباس وعطا، رضي الله عنهم: يقطع الصلاة: "الكلب الأسود والمرأة الحائض".
وقال أحمد واسحق: "لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود". وروي ذلك عن عائشة رضي الله عنها، وقال أحمد: "وفي قلبي من المرأة والحمار شيء"، وعندنا لا يقطع الصلاة شيء من هذا. وبه قال علي وعثمان رضي الله عنهما 136 أ / 2 وابن المسيب