المصلي قطعته عن الذكر وشغلت قلبه عن مراعاة الصلاة، فذاك معنى قطعها الصلاة دون إبطالها من أصلها، ونقول: صار منسوخاً بخبرنا.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي والحمر تعترك بين يديه".
فَرْعٌ آخرُ
قال في "البويطي": "للمصلي في صلاته يستتر بنحو من عظم الذراع طولاً بدليل ما روى طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل، فليصل ولا يبالي ما وراء ذلك".
وقال عطاء: مؤخرة الرحل، ذراع. وقال فيه: "ويدنو المصلي من سترة لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته".
وقال ابن المنذر: "كان مالك يصلي متبايناً عن السترة فمر به رجل لا يعرفه، فقال: أيها المصلي ادن من سترتك، قال: فجعل مالك يتقدم، ويقول: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} النساء: 113 ".
فَرْعٌ آخرُ
إذا صلى في الصحراء، فالمستحب أن ينصب على ما ذكرنا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه، فيصلي إليها، والناس وراءه". قال الشافعي: "ويبعد عنه قدر ثلاث أذرع ". وبه قال عطاء وأحمد: وان لم 137 أ / 2 يجد ما ينصبه بين يديه خط على الأرض خطاً، وصلى إليه لما روى أبو هريرة رضي الله عنه
أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا كان مع أحدكم عصا فلينصبها، وليصل إليها"، فإن لم يكن، فليخط خطاً. إلا أن يكون لي في ذلك حديث ثابت، فيتبع.
قال ابن المنذر: "كان الشافعي يأمر الخط إذ هو بالعراق، ثم قال بمصر ما حكاه البويطي"، وقال ابن المنذر: "قد صح الحديث فيه". وذكر القاضي أبو حامد أنه يخط خطآ بين يديه وإن صلى في البيت أو في المجد، فلا يحتاج إلى نصب شيء بين يديه، لأن في محراب المسجد أو الحائط كغاية. هكذا ذكر أصحابنا.
قال في "الحاوي": "يستحب أن يدنو من القبلة نحو ثلاث أذرع".
قال ابن عمر رضي الله عنه: سألت بلالاً ماذا منع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين دخل البيت؟ فقال: "صلى وبينه وبين القبلة ثلاث أذرع".