من العامد, ورفع القصاص عن الصبي ولم يسقط به القود عن البالغ, وهذا الاعتراض وهم من المنزي, لأن الشافعي حمل ذلك على اختلاف قوليه في عمد الصبي هل يكون عمدا أو خطأ, فجعله في أحد قوليه عما فلم يسقط به القود عن البالغ إذا شاركه لوجود الشبهة في الفاعل دون الفعل, بخلاف الخاطيء وإن جعل عمده في القول الثاني خطأ سقط به القود عن البالغ لوجود الشبهة في القتل دون الفاعل كالخاطيء, فكان اعتراضه زللا, والله أعلم بالصواب.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولو قتل أحد الوليين القاتل بغير أمر صاحبه ففيهما قولان أحدهما لا قصاص بحال للشبهة قال الله تعالى: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} يحتمل أي ولي قتل كان أحق بالقتل وهو مذهب أكثر أهل المدينة ينزلونه منزلة الحد لهم عن أبيهم إن عفو إلا واحدا كان له أن يحده. قال الشافعي رحمه الله: وإن كان ممن لا يجهل عزر وقيل للولاة معه لكم حصصكم والقول من أين يأخذونها واحد من قولين أحدهما أنها لهم من مال قاتل المقتول على قاتل صاحبهم بحصة الورثة معه من الدية. والقول الثاني في حصصهم أنهم لهم في مال أخيهم القاتل قاتل أبيهم لأن الدية إنما كانت تلزمه لو كان لم يقتله ولي فإذا قتله ولي فلا يجتمع عليه القتل والغرم. والقول الثاني: أن على من قت من الأولياء قاتل أبيه القصاص حتى يجتمعوا على القتل. قال المزني رحمه الله: وأصل قوله إن القاتل لو مات كانت الدية في ماله. قال المزني رحمه الله: وليس تعدي أخيه بمبطل حقه ولا بمزيله عمن هو عليه ولا قود للشبهة".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن القود لا يستحقه الأولياء إلا باجتماعهم عليه, وأن ليس لأحدهم أن ينفرد به, فإن بادر أحد الوليين فقتل القاتل انقسمت حاله فيه ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يكون عن إذن أخيه وشريكه فيه, فلا يكون بقتله متعديا, وقد استوفي القود في حقهما.
والثاني: أن يكون بعد عفو أخيه وعلمه بعفوه فهو متعد بهذا القتل, والصحيح أن عليه القود لسقوطه في حقهما بعفو أحدهما.
والثالث: أن لا يكون من أخيه إذن ولا عفو, فهذا على ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يحكم له الحاكم بالقود, فالصحيح أن لا قود عليه لنفوذ حكمه بمختلف فيه.