والثاني: في مستحقه من الأولياء وهو معتبر بأحوالهم وهم ثلاثة أصناف:
أحدهما: أن لا يكونوا من أهل القصاص وقد بيناهم.
والثاني: أن يكونوا من أهل القصاص وقد بيناهم.
والثالث: أن يكون بعضهم من أهله, وبعضهم من غير أهله فإن كانوا جميعاً من غير أهله كانوا إذا جاز أمرهم بالخيار بين أن يوكلوا من يختارونه من أهل القصاص, وبين أن يفوضوه إلي الإمام لييستنيب لهم من يختاروه, وإن كان بعضهم من أهله وبعضهم من غير أهله خرج منهم من كان من غير أهله, وبقي أهله هم المباشرون له ويكون التنازع فيه مقصورًا عليهم, فإن قال من ليس من أهله انا أدخل في التنازع لأستنيب من يباشره احتمل وجهين:
أحدهما: له ذلك لمشاركته لهم في الاستحقاق.
والثاني: ليس له ذلك, لأنه موضوع للتشفي, فكان مباشرة المستحق له أولى من مباشرة النائب عن مستحقه, وإن كانوا جميعاً من أهله لم يجز أن يشتركوا في استيفائه, لأنه قتل واحد لم يقتص منه إلا واحد وتولاه أحدهم, فإن فوضوه إلي واحد منهم كان أحقهم باستيفائه, والأولى أن يختاروا أشدهم وأقواهم وأدينهم, فإن عدلوا عنه إلي أدونهم جاز, وإن تنازعوا فيه وتشاجروا عليه أقرع بينهم, فإذا جرخت القرعة لأحدهم صار أحقهم باستيفائه, لكن لا يجوزن أن يستوفي القصاص بعد خروج قرعته إلا عن إذن من جميعهم؛ لأن الإقراع بينهم لا يكون إذنًا منهم في الاستيفاء, وإنما يتعين به مباشرة الاستيفاء, ويكون الاستيفاء موقوفًا على اتفاقهم.
باب القصاص بغير السيفمسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "وإن طرحه في نار حتى يموت طرح في النار حتى يموت".
قال في الحاوي: قد مضى الكلام في وجوب القصاص في القتل بجميع ما يقتل مثله من حديد وغير حديد, وذكرنا خلاف أبي حنيفة في أن لا قصاص إلا في القتل بالحديد والنار, ولا قود في القتل بمثقلات وغيرها إلا بمثقل الحديد وحده, فأما استيفاء القصاص فمعتبر بحال بالقتل, فإن كان بالحديد لم يجز أن يستوفي القصاص إلا بمقله, وإن كان بغير الحديد كان الولي مخيرًا في استيفائه بمثله أو بالحديد.
وقال أبو حنيفة: إذا قتله بمثقل الحديد أو بالنار لم يجز أن يستوفي القصاص منه إلا بمحدد الحديد دون مثقله, ودون النار, استدلالًا بما رواخ سعيد بن المسيب عن أبي