قال في الحاوي: وهذا صحيح، إذا قطع كفًا كاملة الأصابع وكف القاطع ناقصة إصبعين كان للمقطوع الخيار في الدية والقصاص، فإن اختار الدية أعطي دية يد كاملة لكمالها من المقطوع، وإن نقصت من القاطع ووفقنا أبو حنيفة على أن ديتها لا تقف على مراضاة القاطع وهو أصل معه فيما خالفنا عليه من دية النفس، فإن اختار القود من كف القاطع أقيد منها وهي أنقص من حقه؛ فيقاد من الناقص بالكامل، ويعطى بعد القصاص دية أصبعين لوجودهما في كف المقطوع ونقصانهما من كف القاطع.
وقال أبو حنيفة: لا شيء له بعد القصاص، وقد تقدم الكلام معه، واعتبر فقد الإصبعين بشللهما ولا يلزم بعد الاقتصاص نقص شللهما كذلك لا يلزم بعد، دية فقدهما، وهذا فساد بما قدمناه من الغرق بين شللهما وفقدهما بكمال العدد مع الشلل ونقصانه مع الفقد.
فصل:
قال الشافعي رضي الله عنه: ((ولو كان للقاطع ست أصابع لم يقطع لزيادة الإصبع)).
قال في الحاوي: لأن القصاص أن يؤخذ من الجاني مثل ما أخذ من غير زيادة فإذا كان للقاطع ست أصابع وللمقطوع خمس لم يجز أن تؤخذ ست بخمس فإن قيل: إذا جاز إذا اشترك رجلان في قطع يد أن يقطعوا بيدهن يد فهلا جاز أن يأخذوا ست أصابع بخمس؟
قلنا: لأن يد كل واحد منهما مماثلة ليد المقطوع فقطعناها وليست يده مماثلةً لليد الزائدة فلم يقطعها، وإذا كان كذلك نظر في السادسة الزائدة، فإن كانت تحت الكف في طرف الذراع وأصل الزند اقتص من كف القاطع، لبقاء الزائدة بعد أخد الكف، وإن كانت الزائدةً في الكف مع أصابعها لم يخل حالها من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تكون ثابتة في الكف، فيقتص من أصابع القاطع الخمس وتستبقي الزائدة على كفه، وهل تؤخذ منه حكومة كفه المستبقاة؟ فعلى وجهين:
أحدها: وهو منصوص الشافعي: يؤخذ حكومة كفه لبقائها بعد استحقاق القود لها، ولا سلخ بها دية إصبع, لأنها تبع للأصابع.
والثاني: لا تؤخذ منه حكومة كفه يتكون تبعا للاقتصاص من أصابعه كما تكون تبعًا لها لو أخذت ديتها.
والقسم الثاني: أن تكون الإصبع الزائدة ملتصقةً بإحدى أصابعه الخمس فيسقط القصاص في الإصبع الزائدة مع الملتصقة بها، ولا يقتص منها لدخول الضرر على