أحدهما: أن الجاني هو المدعي لحدوث الموت، فيكون القول فيه قول الولي.
والثاني: أن الولي هو المدعي للقود، فيكون القول قول الجاني، فهذا أحد وجهي أصحابنا.
والوجه الثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي، أن اختلاف النصين محمول على اختلاف حالين، فيكون القول في الأعضاء الظاهرة قول الجاني مع يمينه أنها غير سليمةً، والقول في الأعضاء الباطنة قول المجني عليه مع يمينه أنها سليمة.
والفرق بينهما: تقدير إقامة البينة في الأعضاء الباطنةً وإمكانها في الأعضاء الظاهرةً، فيقوى في الباطن جنبة المجني عليه، وقوي في الظاهر جنبة الجاني، كما لو قال: إن ولدت فأنت طالق، فادعت الولادة وأنكرها، كان القول فيه قولها لتعذر البينة عليها.
وإن قال: إن ولدت فأنت طالق، فادعت الولادة وأنكرها كان القول فيه قوله دونها، لإمكان إقامة البينة على ولادتها.
فصل:
فإذا تقرر ما وصفنا من شرح المذهب، فإن قلنا إن القول قول المجني عليه في سلامتها مع يمينه حلف لقد كان سليما عند الجناية عليه، وحكم له بالقود أو الدية، إلا أن يكون للجاني بينة على ما ادعاه من الشلل وعدم السلامة، فإن شهدوا أنه كان أشل عند الجناية أو قبلها حكم بشهادتهم، وسقط القود والدية ووجب الأرش، لأن الشلل إذا ثبت قبل الجناية يزول وكان باقيا إلى وقت الجناية، فلذلك ما استوي حكم الشهادة في الحالتين، والبينة هاهنا إن كانت الجناية موجبة للقود شاهدان، وإن كانت موجبة للدية دون القود في الجناية شاهدان، أو شاهد وامرأتان، أو شاهد ويمين، وإن قلنا: إن القول قول الجاني فلا يخلو حاله من أن يكون قد اعترف بالسلامة قبل الجناية أو لم يعترف بها، فإن لم يعترف له بالسلامة وقال لم تزل سلامته وحلف، فالقول قوله مع يمينه، وإن اعترف له بالسلامة وادعى حدوث الشلل عند الجناية القول المعتبر في السلامة عند القصاص ففي قبول قوله قولان منصوصان:
أحدهما: لا تقبل للاعتراف بالسلامة، لأنها قد صارت باعترافه بها أصل استصحابه فيصير القول فيه قول المجني عليه.
والثاني: أن يقبل دعواه في حدوث الشلل مع اعترافه بتقدم السلامة، لأننا لما قدمنا قوله في الشلل وإن كان الظاهر سلامة الخلقة قبلنا قوله مع اعترافه بسلامة الخلقة، لاعترافه بما وافق الظاهر من السلامة، فيكون القول قوله مع يمينه، لقد كان أشل ولا يلزم أن يكون يمينه على شلله وقت الجناية، لأن الشلل لا يزول بعد حدوث، فإن أقام المجني عليه بينة على سلامته سمعناها إن شهدت بسلامته وقت الجناية.
وإن شهدت بسلامته قبلها فعلى قولين من اختلاف قوليه إذا اعترف بتقدم سلامته هل