بدل النفس لا يستحق فيه الحوامل كالخطأ؛ لأن الحوامل لا تستحق في الزكاة فلم تستحق في الدية كالزائد على الثنايا؛ ولأن الحمل صفة مجهولة فلم يستحق ثبوتها في الذمة كالمسعر.
ودليلنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها ".
وقد روي أنه قال: على درج الكعبة ليعم بيانه فلم يجز خلافه ولا دفعه بالتأول.
فإن قيل: فإذا عولتم على هذا النص في الخلفات الأربعين فبأي دليل أوجبتم ثلاثين حقة وثلاثين جذعة؟ قيل: لأمرين أحدهما: قول عمر ومن تابعه من الصحابة والتابعين.
والثاني: أنه لما نص على الخلفات لتغليظها علم أن الباقي دونها ودون الثنايا هي الجذاع، ودون الجذاع الحقاق، فلم يقتصر بالباقي على سن واحدة؛ لأنه خلاف للإجماع، فجعلناه من سنين متواليين، فلذلك أوجبنا ثلاثين جذعة، وثلاثين حقة، وعلى أنه قد روى محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "من قتل متعمداً دفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة وما صولحوا عليه فهو لهم "ولأنه لما كان تغليظ الدية ضد تخفيفها اقتضى أن يكون أدنى ما في المغلظة من الأسنان هو أعلى أسنان المخففة لأجل العلتين، فوجب بأن يكون المستحق فيها الجذاع والحقاق دون بنات لبون وبنات مخاض، وهذا يمنع من قياسهم على الخطأ، ويمنع قياسهم على الزكاة أنه لما وجب في الدية الثنايا، وإن لم تجب في الزكاة، وما ذكروه من الجهل بالحمل فغير صحيح؛ لأن للحمل أمارات تدل عليه، له أحكام تتوجه إليه ولا يمتنع أن يثبت في الذمة، منها ما يثبت فيها من غير الدية كما ثبت فيها الجذاع والثنايا كالمطلقة من غير نعت ولا صفة.
فصل:
فإذا ثبت تغليظها في الإبل بما وصفنا فقد اختلف قول الشافعي هل يعتبر في الحوامل السن أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنه لا يعتبر فيها السن، وأي ناقة حملت من ثنية أو ما دونها لزم أخذها في تغليظ الدية، لقول النبي صل الله عليه وسلم: "منها أربعون خلفة في بطونها أولادها ".
والقول الثاني: أنه يعتبر فيها السن أن تكون ثنية فما فوقها، ولا يقبل ما دون هذا السن من الحوامل، لرواية عقبة بن أوس أن النبي صل الله عليه وسلم قال: "منها أربعون خلفة في بطونها