يكون تغليظ الدية فيهما دون النفس من الأطراف والجراح لتغليظها من النفس على ما سنذكره.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وكذلك التغليظ في النفس والجراح في الشهر الحرام والبلد الحرام وذي الرحم، وروي عن عثمان بن عفان- رضي الله عنه أنه قضى في دية امرأة وطئت بمكة بدية وثلث قال: وهكذا أسنان دية العمد حالة في ماله إذا زال عنه القصاص. قال المزني رحمه الله: "إذا كانت المغلظة أعلى سناً من سن الخطأ للتغليظ فالعامد أحق بالتغليظ إذا صارت عليه وبالله التوفيق ".
قال في الحاوي: أعلم أن الدية على ثلاثة أقسام:
أحدها: دية العمد المحض، وهي مغلظة تجب على الجاني حالة.
والثاني: دية العمد الخطأ وهي مغلظة تجب مؤجلة على العاقلة، فيتساوى الديتان في التغليظ ويختلفان في التأجيل والتحمل، فتكون في العمد المحض حالة في مال الجاني، وفي عمد الخطأ مؤجلة على عاقلته؛ لأنه لما كان عمد الخطأ أخف من العمد المحض وقد ساواه في تغليظ الدية لعمده في الفعل خالفه في التأجيل والمحل لخطئه في القصد.
والقسم الثالث: دية الخطأ المحض فهي مخففة على ما سنذكره من صفة التخفيف تتحملها العاقلة مؤجلة في ثلاثة سنين ولا تتغلظ إلا في ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون قتل الخطأ في الحرم.
والثاني: أن يكون في الأشهر الحرم.
والثالث: أن يكون على ذي الرحم المحرم، فتكون مغلظة في الخطأ المحض كما تتغلظ دية العمد المحض ودية العمد الخطأ، فيصير تغليظ الدية في خمسة أحوال: في العمد المحض، وفي العمد الخطأ، وفي الخطأ المحض، وفي الحرم، وفي الأشهر الحرم، وعلى ذي الرحم المحرم.
وقال أبو حنيفة: لا تتغلظ دية الخطأ المحض بالحرم ولا بالأشهر الحرم ولا على ذي الرحم.
وبه قال مالك، والنخعي، والشعبي، استدلالاً برواية ابن مسعود عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: "دية الخطأ أخماس "ولم يفرق، ولأن ما وجب بقتل الخطأ لم يتغلظ بالزمان والمكان كالكفارة، ولأن قتل الخطأ أخف من قتل العمد، فلما لم يكن للحرم والرحم والأشهر الحرم زيادة تأثير في قتل العمد، فأولى أن لا يكون لها زيادة تأثير من قتل