(أحدهما): لا شيء فيها لعدم التأثير ويعزر لأجل الأذى.
والثاني: فيها حكومة دون حكومتها لو عاد نباتها خفيفًا، فإن استأصل أجفانه مع أهدابها فعليه دية الجفون تدخل فيها حكومة الأهداب، وحكى أبو حامد الإسفراييني -رحمه الله- وجهًا آخر أنه يجمع عليه بين دية الجفون وحكومة الأهداب، وهذا لا وجه له، لأن الجفون محل الأهداب فلم ينفرد بالحكومة فيها كالأصابع مع الكف.
فصل:
فأما شعر الحاجبين فيختصان بالجمال دون المنفعة، فإن نتفه حتى ذهب ولم يعد ففيه حكومة.
وقال أبو حنيفة: فيه دية، لأن يوجبها في أربعة شعور: شعر الرأس، واللحية، والحاجبين، وأهداب العينين، إلا أن يكون عبدًا فيجب فيه ما نقص من قيمته، وقد تقدم الكلام. فلو عاد شعر الحاجبين بعد نتفه فعلى ما ذكرنا من الوجهين، فلو كشط جلدة الحاجبين ولم يستخلف، كان عليه حكومة بحسب الشين هي أكثر من حكومة الشعر، فإن أوضح محلهما كان عليه دية موضحتين، وهل يدخل فيهما حكومة الشين أم لا؟ على وجهين ذكرنا نظيرهما من قبل.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وفي الأنف إذا أوعب مارنه جدعًا الدية".
قال في الحاوي: وفي الأنف إذا أوعب مارنه جدعًا الدية"، فأورد الشافعي -رحمه الله- ذلك بلفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمكن، فإن لم يمكن فبألفاظ الصحابة، فإن لم يجد فبألفاظ التابعين، وكثيرًا ما يوردها بلفظ عطاء بن أبي رباح. وروى عمرو بن حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في كتابه إلى اليمن: "وفي الأنف إذا أوعب جدعًا مائة من الإبل" لأن الأنف عضو فيه منفعة وجمال تألم بقطعه، وربما سرت الجناية عليه إلى نفسه فوجب أن يكمل فيه الدية كاللسان والذكر ومارن الأنف هو ما لان من الحاجز بين المنخرين المتصل بقصبة الأنف.
والقصبة: هي العظم المنتهي إلى الجبهة، وكمال الدية فيه يجب باستيعاب المارن مع المنخرين، وسواء في ذلك الأنف الأقنى والأفطس والأحجر والأخنس، وأنف الأشم والأخشم فإن قطع أرنبة الأنف وتجرأ فيه من الدية بحسابه وقسطه، وإن لم يتجزأ ففيه