يردد الكلمة مرارًا أو وفاقًا يكرر الفاء مرارًا، أو تمتامًا يكرر التاء مرارًا، عد ذلك في السليم دون الذاهب، لأن الحرف منه سليم، وإن تكرر ففيه حكومة؛ لأن فيه مع بقائه نقصًا، ولو كان الباقي من حروف كلامه بعد الذاهب منه لا يفهم معناه لم يضمنه الجاني، للعلم بأن بعض الحروف لا يقوم مقام جميعها فلم يلزم إلا ضمان الذاهب منها.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وإن قطع ربع لسانه فذهب بأقل من ربع الكلام فربع الدية وإن ذهب نصف الكلام فنصف الدية".
قال في الحاوي: إذا قطع بعض لسانه فذهب بعض كلامه كان عليه أكثر الأمرين مما قطع من اللسان أو ذهب من الكلام، فإن قطع نصف لسانه فذهب نصف كلامه فقد استويا وعليه نصف الدية، وإن قطع ربع لسانه فذهب نصف كلامه كان عليه نصف الدية اعتبارًا بما ذهب من الكلام دون اللسان، لأنه أكثر، وإن قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه كان عليه نصف الدية اعتبارًا بما قطع من اللسان، لأنه أكثر، وعلى هذه العبرة فيما زاد أو نقص، واختلف أصحابنا في العلة التي لأجلها اعتبر وجوب أكثر الأمرين على وجهين:
أحدهما: وهو تعليل أبي كنيز وظاهر تعليل الشافعي في "الأم": أنه منفعة العضو إذا ضمنت بديته اعتبر فيها الأكثر من ذهاب المنفعة أو ذهاب العضو.
ألا ترى أنه لو قطع الخنصر من أصابع اليد فشل جميعها لزمه دية دميعها، لذهاب جميع منافعها ولو لم يشل باقيها لزمه دية الإصبع وهو خمس دية اليد، لأنه أخذ خمس اليد وإذا كان الذاهب لها أقل من خمس المنفعة، كذلك فيما ذهب من اللسان والكلام.
والوجه الثاني: وهو تعليل أبي إسحاق المروزي أن قطع ربع اللسان إذا أذهب نف الكلام دليل على شلل ربع اللسان من الباقي منه، فيلزمه نصف ديته، ربعها بالقطع، وربعها بالشلل، وفائدة هذا الاختلاف في التعليل مؤثر في فرعين:
أحدهما: أنه يقطع ربع لسانه فيذهب نصف كلامه فيلزمه نصف الدية ثم يأتي آخر فيقطع باقي لسانه فعلى التعليل الأول تلزمه ثلاثة أرباع الدية لنه قطع ثلاثة أرباع اللسان، وعلى التعليل الثاني يلزمه نصف الدية في نصف اللسان، وحكومة في ربعه لأن نصفه سليم وربعه أشل.
والفرع الثاني: أن يقطع نصف لسانه فيذهب ربع كلامه، فيلزمه نصف الدية ثم يأتي آخر فيقطع باقي لسانه، فعلى التعليل الأول في اعتبار الأغلظ تلزمه ثلاثة أرباع الدية لأنه أذهب ثلاثة أرباع كلامه، وعلى التعليل الثاني في اعتبار الأجزاء تلزمه نصف