فإن علم أنه ناطق حتى يعلم خلاف ذلك".
قال في الحاوي: وهذا من جملة ما مضى إذا اختلفا بعد قطع اللسان في سلامته وخرسه فادعى الجاني أنه كان أخرس وادعى المجني عليه أنه كان ناطقًا فاللسان من الأعضاء الظاهرة في الكبير، لأنه يقدر على إقامة البينة بنطقه وسلامته، فيكون القول فيه قول الجاني مع يمينه إن لم يعترف له بتقدم السلامة؛ لأن الأصل براءة ذمته من قود وعقل، فإن اعترف له بتقدم السلامة وادعى زوالها قبل جناية فهو على قولين كمن قطع ملفوفًا في ثوب وادعى أنه كان ميتًا فيه قولان، كذلك هاهنا.
فإن قيل: فكيف يصح من المقطوع اللسان أن يقول لم أكن أبكم وهو لا يقدر بعد قطعه على القول. قيل: معناه أنه أشار بالعين فعبر عن الإشارة بالقول كما قال الشاعر:
وقالت له العينان سمعًا وطاعة وخدرنا كالدر لما يثقب
فعبر عن إشارة العينين بالقول.
فصل:
وإذا قطع لسانه فأخذ بالقود أو الدية ثم ثبت لسان المجني عليه فهو مبني على سن المثغور إذا ثبت بعد أخذ ديتها وفيها قولان:
أحدهما: أنها عطية من الله لا يسترجع بها ما أخذه من ديتها، فعلى هذا أولى في اللسان أن يكون عطيته مستجدة لا يسترجع بعد نباته بما أخذه من ديته.
والقول الثاني: أن هذه السن الثابتة خلف من السن الذاهبة دل على بقاء أصلها، فيسترجع منه بعد نباتها ما أخذه من ديتها، فعلى هذا هل يكون حكم اللسان إذا نبت كذلك أم لا؟ على وجهين ذكرناهما في عود ضوء العين بعد ذهابه، ولكن لو جني على لسانه فخرس وغرم ديته ثم عاد فنطق رد ما أخذه من الدية قولًا واحدًا، بخلاف اللسان إذا نبت والفرق بينهما أن ذهاب اللسان مستحق وأن النابت غيره وذهاب الكلام مظنون، فدل النطق على بقائه.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: " وفي السن خمس من الإبل إذا كان قد أثغر".
قال في الحاوي: في كل سن من أسنان المثغور خمس من الإبل، لرواية عمرو بن حزام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في كتابه إلى اليمن: "وفي السن خمس من الإبل" وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وفي الأسنان خمس