وحكي عن الشافعي أنه قال بعد ما ذكر في اختلافه ومالك ما قلنا: كان مالك لا يعرف الناسخ من المنسوخ، وكان آخر ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "السجود قبل السلام".
وقال الزهري: "سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل السلام وبعد السلام، وكان آخر الأمرين قبل السلام"، وقد روى ابن المنذر عن أبي هريرة رضي الله عنه "أنه كان يأمر بسجدتي السهو قبل السلام" فثبت ترك ما رواه، لأنه نسخ، ولأن الزيادة تحل محل النقصان، فمان الصلاة تبطل بهاء فالجود عنها قبل اللام أيضاً، ولأن في خبر أبي سعيد توهم الزيادة وأمر السجود قبل السلام فبطل قول مالكٍ.
قال المزني:"واحتج في ذلك بحديث أبي سعيد الخدوي وبحديث ابن بحينة"،
ولم يرد به أنه احتج بالخبرين في السجود قبل السلام بل ذكر مسألتين: مسألة البناء على اليقين، 146 أ / 2 ومسألة السجود قبل السلام، ثم احتج فيها بالخبرين، فالخبر الأول، يرجع إلى المسألة الأولى، والخبر الثاني، يرجع إلى المسألة الأخرى.
مسألة: قال: "وإن ذكر أنأ في الخامسة سجد أو لم يسجد".
الفصل
وهذا كما قال: إذا ملى صلاة هي أربع ركعات، فلما كان في الرابعة سها وظن أنها ثالثة، فقام إلى الخامة، ثم ذكر، فإن ذكر بعد السلام سجد للسهو حين ذكر وسلم، وقد تمت صلاته، وإن ذكر بعد التشهد وقبل السلام، فقد ذكر في موضع السجود فيسجد سجدتين ويسلم، وقد تمت أيضاً، ولا فرق بين أن يكون قعد في الرابعة أو لم يقعد، وإن ذكر قبل التشهد وبعد السجود نظر، فإن لم يكن قعد في الرابعة، ولا تشهد، فإنه يقعد ويتشهد ويسجد للسهو ويسلم، وإن كان قد قعد في الرابعة وتشها بالتمام.
قال ابن سريج: "يعيد التشهد، ثم يسجد للهو، ثم يلم ليكون سجود السهو بعد التشهد". قال: وهذا مذهب الشافعي، لأنه قال: "سجد أو لم يسجد وقعد في الرابعة، أو لم يقعد"، فإنه يعود إلى الرابعة ويتشهد، فنص على أنه قعا في الرابعة أو لم يقعد. والمذهب أنه لا يعيد التشهد، لأن موضوع الصلاة على أنه إذا سها فيها سقط السهو ويبني على ما قبله، ولا يسقط السهو ما وقع صحيحاً قبله بدليل أن من سجد سجدة، ثم قام إلى الثانية عاد وبنى على الأولى، ولم يبطلها ما تخلل بينهما من سهو العمل كذلك ههنا.
وقول الشافعي: "يتشهد ويسجد للسهو ويسلم قعد في الثانية، أو لم يقعد" قصد به الرد على أبي حنيفة، حيث قال: إن كان قد سجد في الخامسة، ولم يكن قعد في الرابعة بطل فرضه، وعليه إعادتها لأنها صارت نفلاً، وإن كان قد قعد في الرابعة فقد