حالة الراكع، وحالة الراكع أن تنال راحتاه ركبتيه فما كان أرفع من ذلك فهو حد الانتصاب، وما دون ذلك، فليس بانتصاب. وفي هذا نظر والانتصاب المشهور أن يصير إلى حالة يعتد بقيامه فيها.
وقال مالك: "إن قام أكثر القيام لم يعتد، وإن قام أقل القيام، أعاد" وحكى ابن المنذر عن مالك، أنه قال: "إن فارقت أليته الأرض مضى، ولا يرجع"، وقال الحسن: "يرجع ما لم يركع".
وقال النخعي: "إن ذكر قبل القراءة عاد، وإن ذكر بعدما قرأ لا يعود". وقال أحمد: "إن ذكر قبل أن يستوي قائماً، يلزمه أن يرجع، وإن ذكره بعدما استوى قائماً، وقبل: القراءة يتخير بين الرجوع وبين المضي"، والأولى أن لا يرجع، ثم إذا رجع بعد الانتصاب، قد ذكرنا أنه إن كان جاهلاً لا تبطل صلاته، وإن تعمد بطلت.
وقال صاحب "الحاوي": "فيه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحق تبطل صلاته، لأنه أتى بعمل طويل في الصلاة عمداً". والأصح لا تبطل، لأنه لم يقصد بعمله منافاة الصلاة، فأشبه إذا صلى خمساً ناسياً، وإذا عاد قبل الانتصاب، هل يسجد للسهو؟ قد ذكرنا.
وقال أبو حامد: "فيه قولان:
أحدهما: يسجد. وبه قال أحمد". وقال يحيى بن سعيد: "رأيت أنس بن مالك تحرك للقيام في الركعتين من العصر، ثم تذكر فجلس، ثم سجد سجدتين، وهو جالس"، وهذا لأنه زاد في الصلاة من جنها ساهياً، فأشبه إذا زاد ركعة.
والثاني: لا يسجد. 147 ب / 2 وبه قال الأوزاعي لما روي في حديث المغيرة بن شعبة إن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا قام أحدكم في الركعتين، فلم يستتم قائماً فليجلس"، ولم يأمر بالسجود.
وروي: "فليجلس ولا سهو عليه"، ولأن هذا القدر من القيام عمل يسير، ولو تعمد لا تبطل صلاته، فأشبه الخطوة والخطوتين. وهذا أحسن عندي، وهو اختيار أبي حامد، والأول اختيار القاضي الطبري، ولم يذكر القولين.
فرع
لو كان إماماً فرجع بعد الاعتدال بطلت صلاته وينوي المأموم مفارقته، وإن كان الإمام جاهلاً أو ناسياً لم تبطل صلاته، ولكن المأموم لا يتابعه أيضاً، وينوي مفارقته كما لو قام إلى الخامسة ناسياً لا يتابعه، وإن كان هو جاهلاً أيضاً، أو ناسياً فتابعه لم تبطل صلاته.