سادسة وسابعة قد بان حكمها بما ذكرناه, فإن كانا صغيرين, وقد ماتا ودابتاهما فلهما ثلاثة أحوال:
أحدهما: أن يركبا بأنفسهما.
والثاني: أن يركبهما وليهما.
والثالث: أن يركبهما أجنبي لا ولاية له عليهما.
فإن ركبا بأنفسهما فحكمهما في الضمان كحكم البالغ, يضمن عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر, ويضمن في ماله نصف قيمة دابته, وإن أركبهما وليهما فالضمان في أموال الصغيرين وعلى عواقلهما دون الوليين, لأن للولي أن يقوم في تأديب الصغيرين بالارتياض للركوب ولا يكون به متعديًا فإنه أركبهما أجنبي لا ولاية له عليهما ضمن مركب كل واحد منهما نصف دية من أركبه ونصف دية الآخر ونصف قيمة دابته ونصف قيمة دابة الآخر, ولا يسقط شيء من دية أحدهما ولا من قيمة دابته, لأنه قد تعدى بإركابه فضمن جنايته وضمن الجناية عليه.
وإن كان أحدهما صغيرًا والآخر كبيرًا كان ما اختص بالصغير مضمونًا على ما ذكرناه إذا كانا صغيرين, وما اختص بالكبير مضمونًا على ما ذكرناه إذا كان كبيرين, وهكذا لو كان المصطدمان امرأتين حاملتين فألقت كل واحدة منهما جنينًا ميتًا لم ينهدر شي من دية الجنين, وكان على عاقلة كل واحدة منهما نصف دية جنينها, ونص دية جنين صاحبتها, لأن جنينها تلف بصدمتها وصدمة الأخرى, وجنينها مضمون عليها بالجناية لو انفردت باستهلاكه, فكذلك تضمنه إذا شاركت فيه غيرها, ولا قصاص ها هنا في الديتين بحال وإن كانا ورثة الجنين, لأن من وجبت له غير من وجبت عليه.
فصل:
وإن كان المصطدمان عبدين فماتا صار دمهما هدرًا, وسقطت قيمة كل واحد منهما, لأن كل واحد منهما سقطت نصف قيمته بصدمته ووجب نصفها في رقبة الآخر لصدمته, وسواء ماتا معًا, أو مات أحدهما بعد الآخر إذا لم يمكن بيع المتأخر منهما قبل موته, وإن كان أحد المصطدمين حرًا, والآخر عبدًا لم ينهدر من دم كل واحد منهما إلا النصف المختص بفعله, لأن العبد إذا مات وجب على الحر نصف قيمته, فانتقل العبد بعد موته إلى نصف قيمته فلم يبطل محل جنايته فوجب فيه نصف دية الحر, وأن تكون نصف قيمة العبد على قولين:
أحدهما: في مال الجاني:
والثاني: على عاقلته.
فإن قيل: إن نصف قيمة العبد في مال الجاني لا تتحمله عاقلته فقد وجب في مال