أحدهما: أن تندمل كقطع اليد إذا اندملت أو الموضحة إذا اندملت، فديتها واجبة بابتداء الجناية لاستقرار الوجوب بالاندمال، فيكون أول الأجل من وقت الجناية لا من وقت الاندمال لتقدم الوجوب بالجناية دون الاندمال، فلو اندملت بعد انقضاء الأجل استحق تعجيلها حينئذٍ كالثمن المؤجل إذا حل عند القبض.
والثاني: أن تسري الجناية عن محلها إلى عضو آخر كقطع الأصبع إذا سرى إلى الكف، فالدية وجبت بعد استقرار السراية كما تجب دية النفس بعد الموت، فيكون ابتداء الأجل بعد اندمال السراية ولا اعتداد بما مضى من المدة بعد الجناية وقبل اندمال السراية، فإذا تقرر حكم هذين الضربين فيما سوى النفس في ابتداء وقت التأجيل فأرش الجناية على أربعة أضرب:
أحدها: أن تكون في ثلث النفس فما دون كالجائفة وما ودونها، فتؤديه العاقلة في سنة واحدة إذا انقضت ولو كان دينارًا واحدًا.
والثاني: أن تزيد على الثلث ولا تزيد على الثلثين، فتؤديه في سنتين بعد انفصال السنة الأولى وثلث الدية، وبعد انفصال السنة الثانية ما بقي منها، فإن كان سدس الدية، لأن جميع الأرش كان نصف الدية في إحدى اليدين أدته في السنة الثانية، وإن كان ثلث الدية؛ لأنهما جائفتان أدته في السنة الثانية.
والثالث: أن تزيد على ثلثي الدية ولا تزيد على جميع الدية كدية اليدين، فتؤديه في ثلاث سنين عند انقضاء كل سنة ثلث دية على ما قدمناه.
والرابع: أن يزيد على دية النفس مثل قطع اليدين والرجلين فنوجب ديتين إحداهما في اليدين، والأخرى في الرجلين فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يستحقا لنفسين، فعلى العاقلة أن تؤدي في كل سنة ثلث كل واحدة من الديتين، فتصير في كل سنة مؤدية فثلثي الدية لانفراد كل جناية بحكمها.
والثاني: أن يستحقها نفس واحدة فتجمل العاقلة الديتين في ست سنين، تؤدي في كل سنة منها ثلث دية، لأنها جناية واحدة لا تتحمل العاقلة فيها أكثر من ثلث دية النفس والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولا يقوم نجم من الدية إلا بعد حلوله، فإن أعسر به أو مطل حتى يجد الإبل بطلت القيمة وكانت عليه الإبل".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن الدية هي الإبل لا يعدل عنها مع وجودها، فإن أعوزت عدل عنها إلى الدراهم والدنانير، وهي على قوله في القديم مقدرة بالشرع، فيكون