خمسين ديناراً مع وصفها بما قدمنا من السن والسلامة من العيوب فلا يقبل منه بغرة في الجنين الحر المسلم إلا بهذه القيمة، وإنما كان كذلك لأمرين: أثر، ومعنى.
فأما الأثر فهو ما روي عن عمر وعلي وزيد رضي الله عنهم أنهم قدروها بهذا القدر الذي لم يخالفوا فيه فكان إجماعاً.
وأما المعنى: فهو أنه لما كان الجنين على أقل أحوال الإنسان اعتبر فيه أقل ما قدره الشرع من الديات وهو دية الموضحة، ودية السن المقدرة بخمس من الإبل هي نصف عشر دية النفس فجعل أقل الديات قدراً حداً لأقل النفوس حالاً.
فصل:
فإذا ثبت تقديرها بنصف عشر الدية فقد اختلف أصحابنا فيما يقوم به على وجهين:
أحدهما: وهو قول البصريين إنها تقوم بالإبل؛ لأن الإبل أصل الدية، فإن كانت الجناية على الجنين خطأ محضاً فهي مقدرة بخمس من الإبل أخماس: جذعة وحقة وبنت لبون، وبنت مخاض، وابن لبون، وإن كانت عمد الخطأ فهي مقدرة بخمس من الإبل أثلاث جذعة، وخلفتان ونصف، وحقة ونصف وليس يمكن أن تقوم الغرة بالإبل، لأنها ليست من جنس القيم فوجب أن يقوم الخمس من الإبل الأخماس في الخطأ والأثلاث في عمد الخطأ بالورق، لأنها أصل القيم، فإن بلغت قيمتها في التغليظ ألف درهم وفي التخفيف سبعمائة درهم أخذنا منه غرة عبد أو أمة قيمتها في جناية الخطأ المحض سبعمائة درهم وقيمتها في جناية عمد الخطأ ألف درهم.
والوجه الثاني: وهو قول جمهور البغداديين أننا نقدرها بالورق المقدرة بالشرع دون الإبل، لأن الإبل ليست من أجناس القيم ولا هي مأخوذة فتكون عين المستحق، وإذا قومت بالإبل احتيج إلى تقويم الإبل فوجب أن يعدل في تقويم الغرة إلى ما هو أصل في القيم وهي الورق، فعلى هذا تقوم الغرة في الخطأ المحض بستمائة درهم ويزاد عليها في عند الخطأ ثلثها، فتقوم فيه بثمان مائة درهم، وعلى هذا يكون التفريع.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وإن كان نصرانياً أو مجوسياً فنصف عشر دية نصراني أو مجوسي، وإن كانت أمه مجوسية وأبوه نصرانياً أو أمه نصرانية وأبوه مجوسياً فدية الجنين في أكثر أبوابه نصف عشر دية نصراني ".
قال في الحاوي: وجملة ذلك أنه إذا كان في الجنين الناقص نصف عشر الدية الناقصة والكامل ما كمل بالحرية والإسلام وقد مضى، والناقص ما نقص بكفر أو رق، فإذا جرى على الجنين حكم الكفر لكفر أبويه لم يخل حال أبويه من أن تتفق ديتها أو