ضمان نفسه كالمقاتلة. وإن لم يكن ردءًا ولا عونًا: خرج عن حكم المقاتلة وضمنت نفسه بالدية، وفي ضمانها بالقود وجهان على ما مضى.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وأهل الردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ضربان: فمنهم قوم كفروا بعد إسلامهم مثل طليحة ومسيلمة والعنسي وأصحابهم ومنهم قوم تمسكوا بالإسلام ومنعوا الصدقات ولهم لسان عربي والردة ارتداد عما كانوا عليه بالكفر وارتداد، يمنع حق كانوا عليه وقول عمر لأبي بكر رضي الله عنهما أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله"؟ وقول أبي بكر هذا من حقها لو منعوني عناقًا مما أعطوه النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها معرفة منهما معًا أن ممن قاتلوا من تمسك بالإسلام ولولا ذلك لما شك عمر في قتالهم ولقال أبو بكر قد تركونا لا إله إلا الله فصاروا مشركين وذلك بين في مخاطبتهم جيوش أبي بكر وأشعار من قال الشعر منهم فقال شاعرهم:
ألا أصبحينا قبل ثائرة الفجر لعل منايانا قريب وما ندري
أطعنا رسول الله ما كان بيننا فيا عجبًا ما بال ملك أبي بكر
فإن الذي سألوكم فمنعتم لكالتمر أو أحلى إليهم من التمر
سنمنعهم ما كان فينا بقية كرام على العزاء في ساعة العسر
وقالوا لأبي بكر رضي الله عنه بعد الإسار ما كفرنا بعد إيماننا ولكنا شححنا على أموالنا فسار إليهم أبو بكر بنفسه حتى لقي أخا بني بدر الفزاري فقاتله ومعه عمر وعامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أمضى أبو بكر رضي الله عنه خالدًا في قتال من ارتد ومنع الزكاة فقاتلهم بعوام من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال الشافعي رحمه الله ففي هذا دلالة على أن من منع حقًا مما فرض الله عليه فلم يقدر الإمام على أخذه بامتناعه قاتله وإن أتى القتال على نفسه وفي هذا المعنى كل حق لرجل على رجل فمنعه بجماعة وقال: لا أؤذي ولا أبدؤكم بقتال قوتل وكذا قال من منع الصدقة ممن نسب إلى الردة فإذا لم يختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قتالهم بمنع الزكاة فالباغي الذي يقاتل الإمام العادل في مثل معناهم في أنه لا يعطي الإمام العادل حقًا يجب عليه ويمتنع من حكمه ويزيد على مانع الصدقة أن يريد أن يحكم هو على الإمام العادل".
قال في الحاوي: قصد الشافعي بهذه الجملة أمرين:
أحدهما: الرد على طائفة نسبت علي بن أبي طالب كرم الله وجهه إلى الخطأ في