وينفرد إمام أهل العدل بقسمة الغنائم بينهم, ويختص بإجازة الخمس إليه لينفرد بوضعه في مستحقيه لصحة إمامته, وبطلان إمامة غيره وبالله التوفيق.
باب الخلاف في قتال أهل البغيمسألة
قال الشافعي رحمه الله: "قال بعض الناس إذا كانت الحرب قائمة استمتع بدوابهم وسلاحهم وإذا انقضت الحرب فذلك رد قلت أرأيت إن عارضك وإياما معارض يستحل مال من يستحل دمه فقال: الدم أعظم فإذا حل الدم حل المال هل لك من حجة إلا أن هذا في أهل الحرب الذين ترق أحرارهم وتسبى نساؤهم وذراريهم والحكم في أهل القبلة خلافهم وقد يحل دم الزاني المحصن والقاتل ولا تحل أموالهما بجنايتهما والباغي أخف حالا منهما ويقال لهما مباحا الدم مطلقا ولا يقال للباغي مباح الدم وإنما يقال يمنع من البغي إن قدر على منعه بالكلام أو كان غير ممتنع لا يقاتل لم يحل قتاله. قال: إني إنما آخذ سلاحهم لأنه أقوى لي وأوهن لهم ما كانوا مقاتلين فقلت له فإذا أخذت ماله وقتل فقد صار ملكه كطفل أو كبير لم يقاتلك قط أفنقوى بمال غائب غير باغ؟ فقلت له أرأيت لو وجدت لهم دنانير أو دراهم تقويك عليهم أتأخذهما؟ قال: لا قلت فقد تركت ما هو أقوى لك عليهم من السلاح في بعض الحالات. قال: فإن صاحبنا يزعم أنه لا يصلي على قتلى أهل البغي قلت ولم وهو يصلي على من قتله في حد يحب عليه قتله ولا يحل له تركه؟ والباغي محرم قتله موليًا وراجعًا عن البغي ولو ترك الصلاة على أحدهما دون الآخر كان من لا يحل إلا قتله بترك الصلاة اولى. قال: كأنه ذهب إلي أن ذلك عقوبة لينكل بها غيره قلت وإن كان ذلك جائزًا فًلبه أو حرقه أو حز رأسه وابعث به فهو أشد في العقوبة. قال: لا أفعل به شيئًا من هذا. قلت له: هل تبالي من يقاتلك على أنك كافر لا يصلى عليك وصلاتك لا تقربه إلي ربه؟ وقلت له: أيمنع الباغي أن تجوز شهادته أو يناكح أو شيئاً مما يجري لأهل الإسلام؟ قال: لا قلت فكيف منعته الصلاة وحدها"؟
قال في الحاوي: إذا ظفر أهل العدل بدواب أهل البغي وسلاحهم لم يجز أن يملك عليهم, ولا أن يستعان بها في قتالهم, وتحبس عنهم مدة الحرب كما تحبس فيه أسراهم, فإذا انقضت الحرب رد عليهم.
وقال أبو حنيفة: يجوز أن يستعان على حربهم بدوابهم وسلاحهم, لقول الله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ} الحجرات 9.
فكان الأمر بقتالهم على عمومه, المشتمل على دوابهم وسلاحهم, ولأن كل طائفة جاز قتالها بغير سلاحها, ودوابها جاز قتالها بسلاحها ودوابها كأهل الحرب.