الفصل
وهذا كما قال. جملة هذا أن الإمام إذا سها وكان خلفه مأموم مسبوق بركعة أو أكثرها، فإن الإمام يسجد قبل سلامه ويتابعه المأموم المسبوق بلا خلاف. وحكي عن ابن سيرين أنه قال: "لا يتابعه" لأنه ليس هذا موضع سجود السهو من حق المأموم وذكر بعض أصحابنا بخراسان أنه قول بعض أصحابنا، وليس بشيء. والدليل على ما ذكرنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا سجد فاسجدوا". 155 ب / 2 ولأن المأموم يتابع الإمام فيما لا يعتد به إذا أدركه رافعاً من ركوعه. فكذلك ههنا يتابعه، وإن لم يجد إمامه عمداً أو سهواً، أو كان فيمن يرى سجود السهو بعد السلام، فسلم، فالمأموم لا يسجد في هذا الموضع، ولكنه يقوم ويصلي ما بقي عليه، ثم يسجد في آخر صلاته قولا واحداً.
وعند أبي حنيفة: يتابعه في السجود، ولا يتابعه في السلام، لأن عنده يعود إلى حكم صلاته بعد السلام إذا سجد معه، وقام لقضاء ما عليه فقضاه هل يسجد للسهو مرة أخرى؟ فيه قولان:
أحدهما: قاله في "الأم"، ونقله المزني: يسجد ولا يعتد بما فعله مع إمامه، لأن صلاته نقصت بنقصان صلاته، والذي سجد معه في غير موضعه لإتباع الإمام، فيلزمه أن يسجد في محل السجود جبراناً للنقص.
والثاني: قاله في "القديم" و"الإملاء": "لا يسجد"، لأن بسجود الإمام كملت الصلاة في حق الإمام وحق المأمومء فلا حاجة به إلى السجود ثانياً، والأول أصح.
فرع
هذه المسألة أنه إذا قام لقضاء ما عليه فسها فيه حصل له سهوان: سهو نفسه، وسهو الإمام، فإذا قلنا: لا يعيد يسجد ههنا سجدتين فقط لسهو نفسه، وإذا قلنا: يعيد فههنا وجهان:
أحدهما: يكفيه سجدتان، وهو المذهب، نص عليه في "القديم".
والثاني: يحتاج إلى أربع سجدات، لأنهما سهوان مختلفان، فلم يتداخل حكمهما، وهذا غلط، لأنه لو تكلم ناسياً وترك التشهد الأول يكفيه سجدتان، وإن اختلف السبب كذلك ههنا. وقيل فيما نقله المزني في هذا الموضع خلل، وذلك أنه قال: "وإن كان سبقه إمامه ببعض صلاته سجدهما بعد القضاء إتباعاً لإمامه، لا لما يبقى من صلاته، وهذه العلة إنما ذكرها الشافعي في مسألة أخرى، وهي أنه لو سها في باقي الصلاة بعدما سجد مع الإمام سجد في آخر صلاته، لأن سجوده كان إتباعاً لإمامه لا لما يبقى من صلاته 156 أ / 2، وهذا لا يليق بتلك المسألة التي أوردها المزني، ولو سها الإمام فيما سبق به المأموم بأن صلى ركعة من الظهر وسها فيها، ثم كبر هو ودخل معه