الفصل
وهذا كما قال: إذا كان يحسن قراءة الفاتحة فقراءتها شرط على ما ذكرنا، ولو شدد المخفف فيها يجوز وإن أساء، وإن لم يحسن الفاتحة لا يخلو من ثلاث أحوال: إما أن يحسن غيرها من القرآن، أو من الذكر، أو يحسن قرآناً، ولا ذكراً، فإن كان يحسن غيرها من القرآن، فعليه أن يقرأ مكانها سبع آيات وجهاً واحداً، ولا يكفيه دون سبع آيات، حتى لو قرأ آية المداينة لم يحتسب له إلا آية واحدة.
قال الشافعي: "ويستحب أن يقرأ ثماني آيات لتكون الآية الثامنة بدلاً من السورة"، وهل يعتبر أن تكون هذه الآيات بعدد حروف الفاتحة، فيه قولان:
أحدهما: لا يعتبر لأن الاعتبار بالآي لا بالحروف، ألا ترى أنه لو قرأ ست آيات حروفها أكثر من حروف الفاتحة بكثير لا يجوز، وقد قال الشافعي في "الأم": "صغاراً أو كباراً من موضعٍ واحد أو من مواضع".
وقال في "الجامع الكبير": "طوالاً كن أو قصاراً"، وهذا كما أن في قضاء الصوم يعتبر عدد الأيام، ولا يعتبر طولها وقصرها، والشافعي يعتبر ذلك، 161 ب / 2 وهو ظاهر المذهب، وهو الصحيح، لأن الشافعي، قال فيما نقل المزني: وقرأ بقدرها سبع آيات"، فاعتبر الأمرين جميعاً.
والدليل عليه أنه بدل عن مبدل من جنسه، فيجب أن يكون مساوياً له بكل حالٍ ومعنى قوله: "صغاراً أو كباراً"، أي: وإن كباراً، لا يكفيه دون سبع آيات.
وقال أبو حامد: فيه وجهان، لأنه رواية المزني غير مريحة في اعتبار الحروف، وإن كان يحسن آية من الفاتحة، ويحسن غيرها من القرآن، فإن يقرأها، وهل يكررها سبعاً، أو يقرأ غيرها؟ فيه وجهان: وقيل: فيه قولان: في "الأم" ذكره أبو حامد.
أحدهما: يقرأها، ويقرأ ست آيات من غيرها.
قال الشافعي: "وأحب أن يعيد تلك الآية سبع مرات"، وهذا أصح، لأن سائر القرآن لما قام مقام كل الفاتحة قام مقام بعضها. وأيضاً روي عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله إني لا أستطيع أن آخذ شيئاً من القرآن، فعلمني ما يجزئني. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله"، فقال: هذا لله، فما لي؟، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قل: اللهم ارحمني وعافني وأهدني وارزقني". وهذا الرجل يحسن من الفاتحة: الحمد لله، ولا يتعذران بقول: رب العالمين، فيتم آية، ولا يحتاج إلى